إستقلالية إتفاق التحكيم كآلية لتسوية المنازعات البحرية المؤلف د. مزعاش عبد الرحيم جامعة بومرداس/ الجزائر


   إستقلالية إتفاق التحكيم كآلية لتسوية المنازعات البحرية

د. مزعاش عبد الرحيم جامعة بومرداس/ الجزائر

مستـــخلص البـــحث

   أضحى التحكيم من أهم السبل لتسوية المنازعات البحرية، لما يلقى من إقبال المجتمع الدولي والعاملين في المجال البحري، إذ لا يكاد يخلو أي عقد من عقود التجارة البحرية من شرط التحكيم، يفصحوا فيه الأطراف عن رغبتهم في جعل التحكيم البحري الواجهة المفضلة لديهم لفض منازعاتهم، نظرًا للمزايا العديدة يتيحها هذا النظام ولم يعد القضاء قادر على تحقيقها.

   فواقع العلاقات التجارية الدولية فيما يتعلق بالمنازعات البحرية من شأنه أن يؤدي إلى إنتشار اللجوء إلى التحكيم، وذلك لما تتضمنه هذه العلاقات من عمليات فنية ومركبة وتعدد للمستندات المتعلقة بالعملية محل النزاع، فضلا عن تلك العلاقات التي تتعلق بمبالغ مالية طائلة، تتطلب السرعة والسرية والمرونة في تسويتها، فعقود بيع السفن، وإصلاحها، وإيجارها والمكافآت الناتجة عن الحوادث البحرية النموذجية الموضوعة من قبل منظمات المجتمع البحري تشير إلى التحكيم كوسيلة لتسوية المنازعات الناجمة عنها.

   إن اللجوء إلى التحكيم البحري يكون من خلال إتفاق يتعهد بمقتضاه أطراف العلاقة البحرية أن يحيلوا إلى التحكيم جميع أو بعض المنازعات المحددة التي نشأت أو ستنشأ مستقبلا عن هذه العلاقة.

   ويعد مبدأ إستقلالية إتفاق التحكيم عن العقد الأصلي من المبادئ المستقرة حاليا، سواء في المعاهدات الدولية ولوائح التحكيم أو القوانين الوطنية، إذ يُشكل الركيزة الأساسية لمصالح التجارة الدولية، من خلال تحصين إتفاق التحكيم من كافة ما قد يصيب أو يعتري العقد الأصلي الذي يتضمن إتفاق التحكيم من بطلان، فهو عبارة عن عقد آخر من طبيعة مختلفة يستقل تماما عن العقد الأصلي ويجد أساسه في إختلاف الموضوع الذي ينظمه العقد الأصلي.

   وسنحاول من خلال هذه الدراسة – إلقاء الضوء على مدى إستقلالية إتفاق التحكيم في المنازعات البحرية، وموقف كل الإتفاقيات الدولية والتشريعات الوطنية وقضاء التحكيم الدولي من مبدأ الإستقلالية.

الكلمات المفتاحية: التحكيم البحري – إتفاق التحكيم – المنازعات البحرية – إستقلالية إتفاق التحكيم.

The Independence of the Arbitration Agreement as a Mechanism for Resolving Maritime Disputes

Abstract:

Arbitration has become one of the most important methods for resolving maritime disputes due to its growing popularity among the international community and maritime professionals. Nearly every maritime trade contract includes an arbitration clause, through which the parties express their desire to use maritime arbitration as their preferred method for resolving disputes, given the numerous advantages this system offers that the courts can no longer provide.

The reality of international trade relations concerning maritime disputes leads to increased recourse to arbitration because these relationships involve complex technical operations and a multitude of documents related to the disputed transaction, as well as significant financial amounts that require speed, confidentiality, and flexibility in resolution. Contracts related to the sale, repair, and charter of ships, as well as rewards resulting from typical maritime accidents set forth by maritime organizations, highlight arbitration as a means of resolving disputes arising from these contracts.

Maritime arbitration is initiated through an agreement in which the parties to the maritime relationship commit to referring all or some of the disputes that have arisen or will arise in the future from this relationship to arbitration.

The principle of the independence of the arbitration agreement from the original contract is now well-established, whether in international treaties, arbitration rules, or national laws. It forms the fundamental basis for the interests of international trade by safeguarding the arbitration agreement from any nullity affecting or impacting the original contract containing the arbitration agreement. It represents a separate contract of a different nature that is completely independent of the original contract and finds its basis in the different subject matter governed by the original contract.

This study will attempt to shed light on the extent of the independence of the arbitration agreement in maritime disputes and examine the position of international agreements, national legislations, and international arbitration tribunals regarding the principle of independence.

Keywords: Maritime Arbitration – Arbitration Agreement – Maritime Disputes – Independence of the Arbitration Agreement.

المقدمة:

– إن اللجوء للقضاء في إطار العلاقات ذات الطابع الدولي يثير كثير من الصعوبات من أهمها تنازع الإختصاص القضائي بين الدول ذات الصلة بالنزاع المطروح، وبطء الإجراءات، الأمر الذي يثير رغبة أطراف العلاقة التعاقدية البحث عن آلية أخرى من شأنها حسم الخصومة بسرعة والإلتزام بالحياد والسرية.

– لذا يبرز التحكيم كآلية مثلى لتسوية المنازعات البحرية، فالتحكيم البحري  هو نظام قانوني لحل المنازعات البحرية بعيدًا عن القضاء الوطني، من خلاله يتفق أطراف العلاقات البحرية على أن يسندوا الفصل فيما قد يثور من منازعات عن هذه العلاقات لمحكمين يتم إختيارهم من المشهود لهم بالكفاءة و الخبرة في المجال التحكيم البحري ليفصلوا فيها بأحكام نهائية ملزمة.

ويعد مبدأ إستقلالية إتفاق التحكيم البحري عن العقد الأصلي من المبادئ المستقرة حاليا، سواء في المعاهدات الدولية والقوانين الوطنية ولوائح التحكيم، إذ يشكل الركيزة الأساسية لمصالح التجارة الدولية، وتحقيقا لهذه المصالح ظهرت الحاجة إلى  تحصين إتفاق التحكيم من كافة ما قد يصيب أو يعتري العقد الأصلي الذي يتضمن إتفاق التحكيم من بطلان، وبالتالي فإن إتفاق التحكيم عبارة عن عقد آ خر من طبيعة مختلفة لا يتأثر بتأثر ببطلان أو بفسخ أو بإنتهاء العقد الأصلي، متى إستكمل الإتفاق أركانه وشروط صحته الخاصة به.

– أهمية الدراسة:

تكمن أهمية الدراسة في أن  إتفاق التحكيم في عقد النقل البحري هو عصب اللجوء التحكيم البحري، إذ عن طريقه وبإرادة الأطراف يتم اللجوء إليه لتسوية منازعات عقد النقل البحري للبضائع، وبالرغم من الزخم التشريعي الخاص بالتحكيم البحري الذي يعد نظام قانوني لحل المنازعات البحرية منذ القدم.

أهداف الدراسة:

تهدف هذه الدراسة إلى تبيان ما يلي:

– المقصود من إستقلالية إتفاق التحكيم البحري.

– ضوابط تطبيق مبدأ إستقلالية إتفاق التحكيم البحري وأهميته.

– إبراز أحكام إستقلالية إتفاق التحكيم البحري عن العقد الأصلي في ظل الإتفاقيات الدولية والقوانين الوطنية واللوائح التحكيمية وإبراز ما يترتب عن ذلك من نتائج.

إشكالية الدراسة:

– تدور إشكالية موضوع دراستنا حول: ما مدى تكريس مبدأ إستقلالية إتفاق التحكيم في المنازعات البحرية؟

– ما مدى إنعكاس ذلك على تحقيق التوازن بين المصالح المتضاربة لأطراف الخصومة التحكيمية في ظل التشريعات الدولية والوطنية واللوائح وأحكام التحكيم البحري؟

المنهج المتبع في الدراسة:

لقد إتبعنا في دراستنا لهذا الموضوع على المنهج التحليلي، من خلال تحليل العناصر محل الدراسة (إستقلالية إتفاق التحكيم البحري) وكذلك تحليل مختلف النصوص القانونية واللوائح التحكيمية والأحكام القضائية ذات الصلة بموضوع الدراسة، وفق خطة منهجية قوامها مبحثين، نخصص المبحث الأول منها لماهية مبدأ إستقلال إتفاق التحكيم في المنازعات البحرية، ونتطرق في المبحث الثاني إلى تكريس مبدأ إستقلالية إتفاق التحكيم البحري بين التشريع والقضاء، مع تتويج الدراسة بخاتمة تعالج النتائج والإقتراحات.

المبحث الأول: ماهية مبدأ إستقلالية إتفاق التحكيم في المنازعات البحرية

يعد التحكيم البحري وسيلة بديلة لفض المنازعات البحرية التي يلجأ إليها المتنازعون لحل نزعاتهم

 بعيدًا عن القضاء، سواء في شكل مستقل على الإلتزام الأصلي أو في شكل شرط يندرج في صوره عقد مرتبط بالعقد الأصلي، مما يؤدي إلى التساؤل عن مدى إستقلالية إتفاق التحكيم عن العقد الأصلي وجودًا أو عدما.

إن الأساس القانوني الذي يقوم عليه مبدأ إستقلالية إتفاق التحكيم البحري عن العقد الأصلي من خلال البحث عن مفهوم مبدأ إستقلالية إتفاق التحكيم البحري (المطلب أول)، وخصوصيات مبدأ إستقلالية إتفاق التحكيم البحري (المطلب الثاني).

المطلب الأول: مفهوم مبدأ إستقلالية إتفاق التحكيم البحري

إن البحث في مفهوم مبدأ إستقلالية إتفاق التحكيم البحري تؤدي بنا إلى البحث في المقصود بمبدأ إستقلالية إتفاق التحكيم في المنازعات البحرية (الفرع أول)، وإلى أهمية إستقلالية إتفاق التحكيم البحري (الفرع ثاني).

الفرع الأول: المقصود بمبدأ إستقلالية إتفاق التحكيم في المنازعات البحرية

يقصد بإستقلالية إتفاق التحكيم البحري عن العقد الأصلي هو إستقلال إتفاق التحكيم عن العقد الذي يتضمنه، وعدم تأثره به، وعدم إرتباط مصيره بمصير العقد الأصلي سوء من حيث وجوده أو صحته أو بطلانه[1]، فلا يترتب على بطلان العقد الأصلي أو عدم صحته بطلان إتفاق التحكيم، كما لا يترتب على إبطال أو بطلان إتفاق التحكيم أو عدم صحته بطلان العقد الأصلي[2]، وهو المبدأ الذي أقرته المادة 1040 – الفقرة (4) من ق-إ-م-إ والتي تنص على أن :” لا يمكن الإحتجاج بعدم صحة إتفاقية التحكيم، بسبب عدم صحة العقد الأصلي”[3].

وقبل إستقرار مبدأ إستقلالية إتفاق التحكيم عن العقد الأصلي، كان هناك إتجاه تقليدي سائد في بعض الأنظمة القانونية مفاده أن بطلان العقد الأصلي أو فسخه يؤدي حتما إلى بطلان إتفاق التحكيم بإعتباره تابعا له وجزء منه[4]، لكن مع التطور الذي عرفه نظام التحكيم وقواعده إستقر الأمر على أن عدم مشروعية العقد الأصلي أو بطلانه أو عدم صحته لأي سبب كان، لا يؤثر على صحة إتفاق التحكيم البحري سواء كان هذا الاتفاق مدرجا في العقد الأصلي أو كان مستقلا عنه، لأن إتفاق التحكيم يعالج موضوعًا مختلفا عن موضوع العقد الأصلي[5].

 ولتكريس مبدأ إستقلالية إتفاق التحكيم البحري عن العقد الأصلي يجب توافر جملة من الشروط تتمثل فيما يلي:

1/ أن يكون إتفاق التحكيم البحري قد تم إبرامه مستوفيا لكافة أركانه وشروط صحته القانونية.

2/ ألا يكون الأطراف قد إتفقوا على أن يكون إتفاق التحكيم البحري جزءا لا يتجزأ من العقد الأصلي بحيث يرتبط مصيره بمصير العقد الأصلي وجودًا وعدما[6].

3/ تعتبر الكتابة شرطا لإنعقاد إتفاق التحكيم، فالإتفاق على التحكيم إتفاق شكلي لا ينعقد إلا بالكتابة، وعلة إشتراط الكتابة لصحة إتفاق التحكيم هو الحرص على عدم فتح الباب لمنازعات فرعية حول وجود أو مضمون الإتفاق[7].

وعليه فإن الأخذ بمبدأ إستقلالية إتفاق التحكيم البحري عن العقد الأصلي يرتب جملة من النتائج وهي:

1/ إن بطلان كل من العقد الأصلي او إتفاق التحكيم لا يؤدي بالضرورة إلى بطلان الآخر، إذ أن إبطال العقد الأصلي يمكن لأحد أطراف العلاقة التعاقدية التمسك بصحة إتفاق التحكيم وإعتماده كآلية لتسوية المنازعة البحرية، أما إذا كان العقد الأصلي صحيحا وإتفاق التحكيم باطلا، فهنا يمكن لأحد طرفي المنازعة البحرية اللجوء للقضاء الوطني لفض النزاع [8].

2/ يعطي مبدأ إستقلالية إتفاق التحكيم البحري للمحكم أو هيئة التحكيم سلطة النظر في إختصاصه (أو إختصاصها)، إذ يمكن الإستمرار في إجراءات التحكيم، من حيث كونه مختص بالنظر في موضوع النزاع أم، والفصل في أي دفع يخص عدم صحة إتفاق التحكيم[9].

3/ إن القانون الواجب التطبيق على العقد الأصلي قد لا يكون بالضرورة هو نفس القانون الواجب التطبيق على إتفاق التحكيم سواء تعلق الأمر بالجانب الإجرائي أو الموضوعي للتحكيم، إلا أن تطبيق قانون معين على العقد الأصلي قد يعد قرينة على إنصراف نية الأطراف لتطبيق ذلك القانون على إتفاق التحكيم البحري، ما لم يوجد إتفاق يقضي بخلاف ذلك[10].

إلا أن إتفاقية هامبورغ لعام 1978 المتعلقة بالنقل البحري الولي للبضائع قد وضعت قيدًا على حرية هيئة التحكيم في إختيار القانون الواجب التطبيق على موضوع النزاع  البحري من خلال نص الفقرة الرابعة للمادة 22 منها، التي تقر بوجوب تطبيق أحكامها على موضوع النزاع دون سواها تحت طائلة البطلان[11].

الفرع الثاني: أهمية إستقلالية إتفاق التحكيم البحري.

يعتبر مبدأ إستقلالية إتفاق التحكيم البحري عن العقد الأصلي صمام الأمان لصحة إتفاق التحكيم، سواء جاء على شكل شرط تحكيمي أو على شكل مشارطة التحكيم، لكونه يشكل النظام القانوني لإتفاق التحكيم، لما يرتبه من آثار تشكل الركائز الأساسية لهذا الاتفاق لتجعله فعالا، وغير قابل للبطلان[12]، ليضع إتفاق التحكيم البحري نظاما مصدره إدارة الأطراف، ومنه يستمد المحكم سلطته، كما يبين القانون الذي يسري على الإجراءات والقانون الذي يسري على موضوع النزاع[13].

وبالتالي تكمن أهمية إستقلال إتفاق التحكيم البحري عن العقد الأصلي في الرغبة في تحقيق الاقتصاد في الوقت والإجراءات، إذ أن إرتباط إتفاق التحكيم وجودًا أو عدمًا بالعقد الأصلي الذي يتضمنه، يرتب عليه عدم إمكانية السير في إجراءات التحكيم حتى يَفصل القضاء الوطني صاحب الولاية في المنازعة المتعلقة بإختصاص هيئة التحكيم، أو إنعدام ولايتها بمجرد أن يطرح أي طرف عدم صحة العقد الأصلي [14].

فإذا وجد إرتباط بين إتفاق التحكيم البحري والعقد الأصلي، فهذا يؤدي إلى رفع يد المحكم (أو هيئة التحكيم) عن التحكيم، فيصبح المحكم في هذه الحالة ملزما بأن يعلن عدم صلاحيته، لأن طعن أحد أطراف العقد الأصلي بأحد أوجه البطلان، يؤدي إلى جعل المحكم غير مؤهل لنظر في المنازعات المتعلقة بالعقد الأصلي على أساس وجود إرتباط بين إتفاق التحكيم البحري والعقد الأصلي [15] حيث يستحيل على المحكم أن يفصل

في صحة عقد هو مصدر سلطاته، وعلى هذا الأساس إذا تم الطعن في صحة العقد الأصلي، فإن القضاء الوطني هو الذي يتصدى لهذه المسألة ويمكنه – من خلال ذلك – النظر في صحة العقد الأصلي والنظر في موضوع هذا النزاع [16].

بالمقابل فإن الأخذ بمبدأ إستقلال إتفاق التحكيم البحري عن موضوع العقد الأصلي يؤدي إلى عدم وجود تأثير على إتفاق التحكيم في حالة بطلان العقد الأصلي، بحيث يعتبر إتفاق التحكيم مستقل تماما عن العقد الأصلي، ويكون من حق المحكم النظر في النزاع المتعلق ببطلان العقد الأصلي، لأنه لا يستمد ولايته من هذا العقد، وإنما يستمد ولايته من إتفاق التحكيم البحري المستقل عن العقد الأصلي [17].

ويمكن القول بناء على ذلك أن أي قرار يصدر من هيئة التحكيم ببطلان العقد الأصلي، لا يترتب عليه بالضرورة بطلان إتفاق التحكيم البحري، بالمقابل قد يكون العقد الأصلي صحيحا بينما يعد شرط التحكيم باطلا كما لو كان شرط التحكيم في مسألة لا يجوز فيها التحكيم، وذلك تطبيقا للمبدأ العام الذي يقضي بأنه إذا كان العقد في شق منه باطلا أو قابلا للإبطال، فإن هذا الشق وحده هو الذي يبطل إلا إذا تبين أن العقد ما كان ليتم بغير الشق الذي وقع باطلا أو قابلا للإبطال فيبطل العقد كله [18]. أما إذا كان إتفاق التحكيم البحري في شكل مشارطة التحكيم، لا يثور أي إشكال على أساس أن هذه الأخيرة تبرم ومنفصلة عن العقد الأصلي، فهي بذلك مستقلة أساسا عن هذا العقد [19].

المطلب الثاني: خصوصيات مبدأ إستقلالية إتفاق التحكيم البحري ومبررات تطبيقه

إن إقرار مبدأ إستقلال إتفاق التحكيم البحري عن العقد الأصلي يؤدي حتما إلى خضوع هذا الأخير إلى نظام قانوني يختلف عن ذلك الذي يخضع له إتفاق التحكيم، هذا ما يجعل هذا المبدأ يتميز بمجموعة من الخصوصيات (الفرع الأول)، ويقوم على مجموعة من المبررات في تطبيقه (الفرع الثاني).

الفرع الأول: خصوصيات مبدأ إستقلال إتفاق التحكيم البحري

يعكس مبدأ إستقلال إتفاق التحكيم البحري عن العقد الأصلي نتيجة غاية في الأهمية وهي عدم إرتباط مصير إتفاق التحكيم بالعقد الأصلي، والذي أضحى من المبادئ المستقرة سواء في المعاهدات الدولية والتشريعات الوطنية وقرارات ولوائح التحكيم، مما يجعل مبدأ استقلال إتفاق التحكيم يتميز بجملة من الخصوصيات أهمها:

1/ عدم ارتباط مصير إتفاق التحكيم البحري بمصير العقد الأصلي:

إن الخذ بمبدأ إستقلالية إتفاق التحكيم البحري عن العقد الأصلي يؤدي حتما إلى عدم إرتباط مصير إتفاق التحكيم بمصير العقد الأصلي وجودًا وعدمًا، وبالتالي لا يتوقف فسخه أو إنهاؤه أو مدى صحته على ما يشوب العقد الأصلي من بطلان أو ما يناله من فسخ، إلا في حالة إتفاق أطراف العلاقة التعاقدية على إرتباط مصير كل من إتفاق التحكيم البحري والعقد الأصلي، من خلال ذلك يؤدي حتما في حالة بطلان العقد الأصلي إلى بطلان إتفاق التحكيم [20] .

وعليه يشكل مبدأ إستقلالية إتفاق التحكيم عن العقد الأصلي النظام القانوني لإتفاق التحكيم البحري لما يرتبه من آثار تشكل الركائز الأساسية لهذا الاتفاق لتجعله فعالا وغير قابل للبطلان، ليضع إتفاق التحكيم نظاما مصدره إدارة الأطراف ومنه تستمد هيئة التحكيم سلطتها سواء في إختيار القانون الواجب التطبيق على إجراءات التحكيم البحري أو على موضوع النزاع [21].

إن عدم إرتباط مصير إتفاق التحكيم البحري بالعقد الأصلي رهين بصحَة إتفاق التحكيم، وعليه إذا إمتد العيب الذي أصاب العقد الأصلي إلى إتفاق التحكيم كعيب الرضا مثلا، فإن كلاهما قد يبطلَ، وبطلان إتفاق التحكيم في هذه الحالة ليس لكونه تابعا للعقد الأصلي، وإنما لأن البطلان أصابه في ذاته، ومن ثم لا يخل بمبدأ إستقلال إتفاق التحكيم البحري عن العقد الأصلي [22].

أما حق العدول فهو يشمل جميع ما إتفق عليه الطرفان بما في ذلك إتفاق التحكيم البحري، إلا في حالة إتفاق الأطراف أن العدول لا يشمل الاتفاق على التحكيم وإنما يقتصر على العقد الأصلي [23].

2/ إستقلال إتفاق التحكيم لا يعني بالضرورة إنفصاله عن العقد الأصلي:

إن التسليم بإستقلالية مبدأ إستقلاق إتفاق التحكيم البحري عن العقد الأصلي، لا يعني بالضرورة عدم إرتباطه به أو إنفصاله نهائيا عنه، حتى ولو كان مستقلا عنه من الناحية القانونية وعدم الإرتباط به وجودًا وعدمًا، فإن إرتباط إتفاق التحكيم البحري بالعقد الأصلي يبقى قائما من الناحية المادية[24]، وتتجلى مظاهر هذا الإرتباط في حالات أو أسباب البطلان التي تلحق بالعقد الأصلي وإتفاق التحكيم  معًا كأن يكون سبب عقد النقل البحري غير مشروع أو مخالف للنظام العام أو أن نظام شركة النقل البحري لا يخول للمدير أو رئيس مجلس الإدارة سلطة التوقيع أو غيرها من الأسباب التي تلحق العقد وإتفاق التحكيم البحري معًا[25].

3/ عدم خضوع إتفاق التحكيم البحري بالضرورة لنفس القانون الواجب التطبيق على العقد الأصلي:

ينصب إتفاق التحكيم على تنظيم الإجراءات التي سوف تتبع في التحكيم البحري من بدايته إلى غاية نهايته، إلا أنه تتولد عنه جملة من الإلتزامات شأنه في ذلك شأن أي عقد آخر[26]، وبالتالي فإن القانون الذي يحكم إتفاق التحكيم يتعين تحديده في ظل مبدأ قانون الإدارة الذي يعطي لأطراف العلاقة التعاقدية حرية إختيار القانون الذي يحكم إتفاق التحكيم، فيستطيعون تبعا لذلك إخضاع إتفاق التحكيم لقانون غير القانون الذي يخضع له العقد الأصلي.

وقد أقرت معاهده روما لعام 1980 أن إتفاق التحكيم يشكل جزء مستقلا عن العقد الأصلي[27]، ومن ثم يحق لأطراف العقد البحري إخضاعه لقانون مختلف عن القانون الذي تخضع له شروط العقد الأصلي، وهو ما سارت عليه العديد من أحكام القضاء الفرنسي، التي أقرت رفض الدفوع بالبطلان أحكام التحكيم المستندة على أساس أن هيئة التحكيم لم تطبق للفصل في مسألة إختصاصها للقانون الذي يحكم موضوع العقد الأصلي، مما يترتب عنه عدم خضوع إتفاق التحكيم بالضرورة إلى القانون الذي يخضع له العقد الأصلي[28].

4/ التوافق بين مبدأ إستقلالية إتفاق التحكيم البحري ومبدأ إستقلال المحكم بالفصل في مسألة إختصاصه:

بعد المحكم الفاصل في نزاع  الذي ينشأ بمناسبة عقد النقل البحري بمختلف أشكاله – يستمد سلطته وإختصاصه من إتفاق التحكيم سواء كان شرطا أو مشارطة، فهو يقوم بعمله على أساس وجود هذا الاتفاق، كما أن الهيئة التحكيمية ملزمة بكل ما إتفق عليه الأطراف سواء في تحديد القانون الواجب التطبيق على إجراءات التحكيم البحري أو على موضوع النزاع[29]، وهو ما أقرته المادة 1043 في فقرتها الثانية من ق-إ-م-إ، التي أعطت للمحكم السلطة والحرية في تحديد القانون الواجب التطبيق على الإجراءات أو على موضوع النزاع بما في ذلك الفصل في إختصاصه بالفصل في مسألة مدى صحة العقد الأصلي أو بطلانه، ولكن تبقى هذه السلطة سلطة بحث فقط وليست سلطة حكم[30].

بالمقابل يحق له الإستمرار في إجراءات التحكيم حتى إذا تبين لها أن العقد الأصلي باطل لترتيب الآثار المالية المترتبة على بطلانه، لكن لا يحق للمحكم الإستمرار في التحكيم إذا تبين له أن إتفاق التحكيم باطل[31].

الفرع الثاني: مبرارات الأخذ بمبدأ إستقلالية إتفاق التحكيم البحري

إكتسب مبدأ إستقلال إتفاق التحكيم البحري مفهوما وبعدًا قانونيا يتجاوب مع مقتضيات العلاقات الدولية الخاصة بالتجارة البحرية والتي تجسدت سواء تعلق الأمر في الإعتراف بصحة إتفاق التحكيم البحري بغض النظر عما تقرره القوانين الوطنية في مثل هذا الشأن من جهة، والإقرار لهيئة التحكيم بالإختصاص في النظر في النزاع حتى ولو تمسك أحد أطراف العلاقة العقدية البحرية بعدم إختصاصها بسبب بطلان العقد الأصلي[32].

وهناك العديد من المبرارات التي تفرض إستقلالية إتفاق التحكيم البحري، منها ما هو ذو طابع قانوني، ومنها ما هو عملي، نجد منها:

1/ إحترام إرادة الأطراف كأساس للإستقلالية: يقوم نظام التحكيم البحري وإستقلال إتفاقه على القدرة الذاتية لإدارة طرفية على الرغم من الدور الذي تلعبه الإرادة في عقود التجارة البحرية، حيث يتم الاتفاق على إحالة النزاعات المتعلقة بتنفيذ أو تفسير هذا العقد إلى التحكيم[33]، وبالتالي تكون إرادة أطراف قد إتجهت إلى عرض المنازعات البحرية التي من الممكن أن تنشأ بطريق واسع ليشمل أيضا النظر في صحة أو بطلان العقد الأصلي، لذلك فإن عدم إجازة إستقلال إتفاق التحكيم البحري معناه عدم إحترام هذه الإرادة التي تضمنت كافة المنازعات البحرية التي من الممكن أن تثور حول العقد الأصلي، ولو أراد  أطراف العلاقة التعاقدية البحرية التضييق من نطاق هذه الإرادة لعبروا عن ذلك صراحة[34].

2/ طبيعة إتفاق التحكيم تفرض إستقلاليته عن العقد الأصلي:

 يعد إختلاف موضوع إتفاق التحكيم البحري عن موضوع العقد الأصلي عامل أساسي للإستقلاليته، لأن إتفاق التحكيم ينصب موضوعه أساس على قواعد إجرائية تسند مهمة الفصل في المنازعات البحرية إلى هيئة تحكيم متخصصة مشكلة من محكم أو عدة محكمين تناط بها مهمة الفصل في النزاع بعيدًا عن أروقة المحاكم[35].

-ولا يتعلق هدفه أو غرضه بحقوق وإلتزامات الأطراف الموضوعية التي يتولى تنظيمها العقد الأصلي، مما يسجد مبدأ إستقلالية الاتفاق التحكيمي عن العقد الأصلي من الناحية القانونية رغم إرتباطهما من الناحية المادية، فالإستقلالية مستوحاة من إختلاف المحل والسبب، فمحل إتفاق التحكيم البحري الفصل في المنازعات البحرية بواسطة التحكيم، وسببه إعتماد التحكيم كآلية لفض المنازعات بعيدا عن القضاء العادي[36].

3/ أساس وشرعية التحكيم البحري بمقتضى إستقلالية إتفاقه:

يؤسس إتفاق التحكيم البحري إستقلاليته على شرعية نظام التحكيم، الذي يعد طريق كرسته التشريعات الدولية والوطنية، وفرضته ضرورات وطبيعة معاملات التجارة الدولية بما فيها التجارة البحرية في ظل غياب قضاء دولي يفصل في هذا النوع من المنازعات[37].

لذلك أبرمت عدة إتفاقيات دولية تجسد إستقلالية إتفاق التحكيم كإتفاقية نيويورك لعام 1958، وإنشاء عدة مراكز متخصصة في التحكيم البحري نجد منها المنظمة الدولية للتحكيم البحري، وغرفة التحكيم البحري بباريس، وغرفة التحكيم البحري لمؤسسة اللويدز للتأمين البحري، كلها تضمن للتحكيم إستقلاليته وذاتيته وإعتمدته كسبيل لحسم المنازعات البحرية في ظل غياب سلطة قضائية تفصل في هذا النوع من المنازعات ذات الطابع الدولي[38].

المبحث الثاني: تكريس مبدأ إستقلالية إتفاق التحكيم البحري بين التشريع والقضاء

لم يستخلص الإعتراف بمبدأ إستقلالية إتفاق التحكيم البحري عن العقد الأصلي بشكل صريح سواء في الإتفاقيات الدولية المنظمة للتحكيم والتشريعات الوطنية ولوائح التحكيم، وكذا قضاء محاكم التحكيم كل ذلك على نحو يمكن القول معه بأن هذا المبدأ يعد من المبادئ العامة للتحكيم البحري.

وعليه سنتطرق إلى مبدأ إستقلالية إتفاق التحكيم البحري في الإتفاقيات الدولية والتشريعات الوطنية (في المطلب الأول)، ثم نتطرق إلى مبدأ إستقلالية إتفاق في ظل اللاوائح وأحكام التحكيم البحري (في المطلب الثاني).

المطلب الأول: مبدأ إستقلالية إتفاق التحكيم البحري في ظل الإتفاقيات الدولية والتشريعات الوطنية

إستقرت كل من الإتفاقيات الدولية المنظمة للتحكيم والتشريعات الوطنية على الأخذ بمبدأ إستقلالية إتفاق التحكيم البحري عن العقد الأصلي، إلا أنها لم تكن على موقف واحد بشأن إعتماد هذا المبدأ، فلقد أخذت الكثير من الوقت لكي تتطور وتصل إلى ما هو عليه الآن.

وعليه سنتطرق إلى مبدأ إستقلالية إتفاق التحكيم البحري في الإتفاقيات الدولية (الفرع الأول)، ثم بعد ذلك إلى مبدأ إستقلالية إتفاق التحكيم البحري في التشريعات الوطنية (الفرع الثاني).

الفرع الأول: مبدأ إستقلالية إتفاق التحكيم البحري في ظل إتفاقيات الدولية

إختلفت الإتفاقيات الدولية في طريقة النص على مبدأ إستقلالية إتفاق التحكيم البحري، والتي تراوحت بين النص عليه صراحة وبين التعرض لهذا المبدأ ضمنيا في بعض الإتفاقيات الدولية

أولا: الإتفاقيات الدولية التي أقرت صراحة إستقلالية إتفاق التحكيم البحري:

نص القانون النموذجي للتحكيم التجاري الدولي للجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي لسنة 1985صراحة على إستقلالية إتفاق التحكيم من خلال نص مادته السادسة عشرة فقرتها الأولى التي نصت على أنه: “يجوز لهيئة التحكيم البث في إختصاصها بما في ذلك البث في أي إعتراضات تتعلق بوجود إتفاق التحكيم أو صحته، ولهذا الغرض ينظر إللى شرط التحكيم الذي يشكل جزءا من عقد كما لوكان إتفاقا مستقلا عن شروط العقد الأخرى، وأي قرار يصدر من هيئة التحكيم ببطلان العقد لا يترتب عليه بحكم القانون بطلان شرط التحكيم.”

وبالتالي يكون نص هذه المادة قد أقر صراحة مبدأ إستقلال شرط التحكيم عن العقد الأصلي أو إنفصاله القانوني عنه، وصلاحية أو صحة أو نفاذ شرط التحكيم غير مرتبط بمصير العقد الأصلي معتمدًا في ذلك على قواعد إجرائية، حيث أن بطلان العقد أو فسخه أو عدم دخوله حيز التنفيذ[39] لا يمس بصحة شرط التحكيم أو فاعليته، مما يخول لهيئة التحكيم كامل الإختصاص للفصل في إلتزامات وحقوق أطراف النزاع حتى في حالة بطلان العقد الأصلي[40].

ثانيا: الإتفاقيات الدولية التي أقرت ضمنيا على مبدأ إستقلالية إتفاق التحكيم

أقرت أغلب الإتفاقيات الدولية الخاصة بالتحكيم التجاري الدولي ضمنيا على إقرار مبدأ إستقلالية إتفاق التحكيم عن العقد الأصلي كقاعدة مادية ناتجة عن التوافق الدولي على هذا المبدأ، ومن أهم هذه الإتفاقيات نجد:

1/ معاهدة نيويورك لعام 1958 والمتعلقة بإعتراف وتنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية، والتي لم تشر مباشرة لمبدأ إستقلالية إتفاق التحكيم وإكتفت ضمنيا إلى التأكيد على جواز رفض الإعتراف وتنفيذ الحكم بناء على طلب الخصم الذي يحتج عليه بالحكم إلى السلطة المختصة في البلد المطلوب عليها الإعتراف أو التنفيذ، الدليل على عدم صحة الاتفاق وفقا للقانون الذي أخضعه له الأطراف، أو في حالة عدم النص على ذلك في قانون البلد الذي صدر فيه الحكم [41] طبقا لما جاء في نص المادة الخامسة منها. مما يستخلص ضمنيا إلى قاعدة مفادها إخضاع إتفاق التحكيم لقانون يختلف عن قانون العقد الأصلي، مما يؤدي إلى إستقلال إتفاق التحكيم عن العقد الأصلي[42].

2/ إتفاقية واشنطن لتسوية المنازعات المتعلقة بالإستثمارات بين الدول ومواطني الدول الأخرى لعام 1965: التي إقتصرت في الفقرة الأولى للمادة 41 منها على تأكيد أن هيئة التحكيم هي التي تحدد إختصاصها حيث أن هيئة التحكيم هي التي تقرر ما إذا كان هناك إتفاق تحكيم أولا، وتحديد إختصاصها في النظر في النزاع الذي يكون بناءا على وجود إتفاق تحكيم صحيح [43].

3/ الإتفاقية الأوروبية للتحكيم التجاري الدوالي لعام 1961: التي أقرت مبدأ إستقلال إتفاق التحكيم عن العقد الأصلي ضمنيا، من خلال نص المادة الثالثة منها[44]، التي كرست بشكل ضمني مبدأ إستقلاق إتفاق التحكيم عند إقرارها لمبدأ إختصاص المحكم بالفصل في مدى إختصاصه للنظر في النزاع من خلال الفصل في وجود وصحة إتفاق التحكيم أو العقد الذي يتضمنه، مما يؤدي إلى وجود ترابط وصلة بين مبدأ الإستقلالية ومبدأ إختصاص المحكمين بالفصل بإختصاصهم[45] .

الفرع الثاني: مبدأ إستقلالية إتفاق التحكيم في ظل التشريعات الوطنية

كرست أغلب التشريعات الوطنية الخاصة بالتحكيم الجاري مبدأ إستقلالية إتفاق التحكيم عن العقد الأصلي، ومن أهم هذه التشريعات نجد:

أولا: الوضع في التشريع الفرنسي

لم يكرس التشريع الفرنسي مبدأ إستقلال إتفاق التحكيم عن العقد الأصلي إلا بعد صدور المرسوم المعدل لقانون التحكيم الصادر عام 1911، الذي حسم من خلاله المشرع الفرنسي مبدأ إستقلالية إتفاق التحكيم عن العقد الأصلي في نص المادة 1447 لكنه يقتصر على التحكيم الداخلي دون الدولي [46].

أما التشريع الخاص بالتحكيم لعام 1981 فقد كرس مبدأ إستقلال إتفاق التحكم في الإختصاص بالإختصاص، حيث أقرت المادة 1466 من قانون المرافعات الفرنسي التي تعطي لهيئة التحكيم صلاحية البث في صحة أو بطلان العقد الأصلي بمقتضي إتفاق التحكيم، الأمر الذي يؤدي إمكانية فصله عن موضوع العقد[47].

كما أقر القضاء الفرنسي هذا المبدأ في عديد من القضايا أبرزها قضية « SAN CARLO »، التي أقرت فيها محكمة النقض الفرنسية بإستقلال إتفاق التحكيم عن العقد الأصلي فاصلا بين مصيريهما، مقررة عدم تأثر إتفاق التحكيم من حيث وجوده وصحته بما يطرأ على العقد الأصلي[48].

ثانيا: الوضع في التشريع الإنجليزي

لم يكرس التشريع الإنجليزي مبدأ إستقلال إتفاق التحكيم عن العقد الأصلي، بخلاف القضاء الإنجليزي الذي كرسه خلال عام 1942 في القضية الشهيرة «Heyman V. Darwins » ، حيث أقر أن: “إعلان أحد الطرفين عدم تنفيذ إلتزاماته التعاقدية أو خرقها كلية، لا يلغي شرط التحكيم ولا يجرده من وجوده رغم إنقضاء الإلتزامات المتبادلة، حيث يبقى شرط التحكيم لتسوية النزاعات الناشئة عن خرق العقد وعدم تنفيذه …”[49].

ثالثا: الوضع في التشريع الولايات المتحدة الأمريكية

كرست المحكمة العليا الأمريكية مبدأ إستقلال شرط التحكيم عن العقد الأصلي في قضية             « Prima Paint » عام 1967، والذي قضت فيه بأن “شروط التحكيم الخاضعة لقانون التحكيم الفيدرالي مستقلة عن العقد الذي يحتويها، والتي هي جزء منه طالما أن شرط التحكيم نفسه لم ينازع فيه …”[50].

رابعا: مبدأ إستقلال إتفاق التحكيم في التشريع الجزائري

كرس المشرع الجزائري من خلال نص المادة 1040 من قانون رقم 08/09 المتضمن قانون الإجراءات المدنية والإدارية المعدل والمتمم ضمنيا مبدأ إستقلالية إتفاق التحكيم عن العقد الأصلي، حيث يقتصر مبدأ إستقلال إتفاق التحكيم على حالة وحيدة، وهي حالة عدم تأثر إتفاق التحكيم ببطلان العقد الأصلي من خلالها يبقى إتفاق التحكيم منتجا لأثره حتى في حالة بطلان العقد الأصلي بسبب مخالفاته لشرط موضوعي أو شكلي[51].

لكن يعاب على المشرع الجزائري عند نصه على مبدأ إستقلال إتفاق التحكيم عن العقد الأصلي على حالة البطلان وأغفل العوارض الأخرى التي قد تطرأ على العقد كحالات الفسخ والإنقضاء[52].

كما حصر المشرع الجزائري هذا المبدأ على التحكيم التجاري الدولي دون التحكيم الداخلي، مما يطرح التساؤل حول مصير إتفاق التحكيم الداخلي الوارد في العقد الأصلي قد يكون قابل للإبطال، هل تسري عليه نفس أحكام إتفاق التحكيم الدولي أم لا[53].

يرجع سببه تفرقة المشرع الجزائري بين التحكيم الدولي والتحكيم الداخلي بشأن مبدأ إستقلال إتفاق التحكيم إلى تأثره بالتفرقة التي إنتهجها جانب من الفقه[54]، والقضاء[55] في فرنسا، مستندا في هذه التفرقة على ان بطلان العقد الأصلي في التحكيم الداخلي يؤدي حتما إلى بطلان التصرفات التابعة له، من بينها شرط التحكيم، بينما في التحكيم الدولي يعتبر شرط التحكيم عقد مستقلا بذاته عن العقد الأصلي، وبالتالي فإن بطلان العقد الأصلي لا يؤدي إلى بطلان شرط التحكيم[56].

المطلب الثاني: مبدأ إستقلال إتفاق التحكيم البحري في ظل لوائح وأحكام التحكيم

أقرت كل من أنظمة التحكيم البحري وأحكام التحكيم البحري مبدأ إستقلال إتقاق التحكيم البحري عن العقد الأصلي، لكون المنازعات المتعلقة بالنشاط البحري تتم على الصعيد الدولي، وبالتالي تتطلب السرعة في فض المنازعات الناجمة عنها حفاظا على حقوق أطراف العلاقة التعاقدية.

وعليه سنتطرق إلى مبدأ إستقلال إتفاق التحكيم البحري في ظل اللوائح التحكيمية (الفرع الأول)، ثم بعد ذلك إلى مبدأ استقلال إتفاق التحكيم في ظل أحكام التحكيم (الفرع الثاني).

الفرع الأول: مبدأ إستقلال إتفاق التحكيم البحري في ظل اللوائح التحكيمية

كرست لوائح التحكيم البحري مبدأ إستقلال إتفاق التحكيم عن العقد الأصلي الذي يتضمنه، لأنها تستمد سلطتها من إدارة أطراف العلاقة التعاقدية التي تشير إلى إختيار هذه اللوائح، التي تقر أن إتفاق التحكيم يعامل على أنه مستقل على العقد الأصلي والذي أقرته عدة هيئات تحكيمية نجد منها:

– أولا: نظام غرفة التجارة الدولية بباريس

 تعد لائحة التحكيم التي أعدتها غرفة التجارة الدولية بباريس أول نظام تحكيمي أقر مبدأ إستقلالية إتفاق التحكيم عن العقد الأصلي وربطه بسلطان الإدارة[57]، من خلال نص المادة 6 فقرة 4 والتي تنص على أن “مالم يوجد إتفاق مخالف، فإن الإدعاء ببطلان العقد الأصلي أو إنعدامه لا يترتب عليهما عدم إختصاص المحكم إذا إرتأى صحة إتفاق التحكيم، ويظل المحكم في هذه الحالات مختصا لتحديد حقوق الأطراف والفصل في إدعاءاتهم وطلباتهم، حيث أن بطلان العقد الأصلي أو إنعدامه لا يؤدي إلى عدم إختصاص المحكم ولا إلى بطلان أو إنعدام إتفاق العقد التحكمي”.

وبالتالي فإن هذه اللائحة قد أقرت صراحة إستقلالية إتفاق التحكيم عن العقد الأصلي ليس فقط في حالة الادعاء ببطلان العقد الأصلي، أو في حالة الادعاء بعدم وجود هذا العقد من أساسه، فالمحكم لا يقضي بعدم إختصاصه لمجرد ملاحظته بطلان أو إنعدام إتفاق التحكيم، بل يتوجب عليه إستخلاص الآثار المترتبة عن هذا البطلان أو الإنعدام فيما يتعلق بإدعاءات الأطراف[58].

ثانيا: المنظمة الدولية للتحكيم البحري

أنشأت هذه المنظمة من طرف غرفة التجارة الدولية بالتعاون مع اللجنة البحرية الدولية ويقع مقر هذه المنظمة في باريس، والتي كانت نشأتها مرتبطة بكثرة المنازعات البحرية وتخول للأطراف أكبر قدر من الحرية في تنظيم وإدارة العملية التحكيمية[59]، إلى جانب إقرارها من خلال نص المادة الخامسة فقرتها ثانية، على إستقلالية شرط التحكيم الوارد في العقد الأصلي، ويبقى المحكم مختصا في حالة عدم وجود أو بطلان العقد الأصلي لتحديد حقوق الأطراف والفصل في طلباتهم[60].

ثالثا: نظام التحكيم للجنة القانون التجاري الدولي في الأمم المتحدة

يعد نظام التحكيم الذي وضعته لجنة القانون التجاري الدولي في الأمم المتحدة عام 1976، ثاني نظام كرس هذا المبدأ، من خلال نص المادة 21 – فقرة 02 – منه، حيث كرس هذا النظام قاعدة أن إثارة بطلان العقد الأصلي لا يؤدي حتما إلى بطلان إتفاق التحكيم، إذا كان العيب المتصل بالعقد الأصلي له علاقة بإتفاق التحكيم كعيب الرضا، فإن المحكم يبقى مختصا للنظر في مدى قابليته للإبطال مكرسًا بذلك لمبدأ إستقلالية إتفاق لتحكيم بواسطة الجماعة الدولية[61].

وهناك العديد من أنظمة التحكيم كرست هذا المبدأ نجد منها نظام الغرف التجارية العربية – الأروبية – من خلال نص المادة 21 فقرة 4 منه، ولائحة التحكيم الصادرة عن غرفة لندن للتحكيم الدولي عام 1985 في المادة 14 فقرة الأولى منه[62].

الفرع الثاني: مبدأ إستقلال إتفاق التحكيم في ظل أحكام التحكيم البحري

كرست العديد من أحكام التحكيم التجاري الدولي مبدأ إستقلال إتفاق التحكيم عن العقد الأصلي، وعدم إرتباط مصيره به، من حيث تعرضها للفصل في مسألة عدم وجود العقد الأصلي أو بطلانه أو فسخه، حيث يتمتع المحكم بسلطة الفصل الفصل حول وجوده أو صحة العقد الأصلي إستقلالا عن إتفاق التحكيم، وكذا سلطة الإستمرار في نظر النزاع حتى ولو ثبت عدم وجود أو بطلان العقد الأصلي[63].

كما أبرزت العديد من أحكام التجاري الدولي هذا المبدأ على إعتبار أن هذا الأمر يتعلق بمبدأ عام من مبادئ القانون التجاري الدولي، دون أدنى حاجة من أجل تبرير هذه الإستقلالية، ومن أهم هذه الحكام نجد:

1/ حكم التحكيم الصادر بتاريخ 10 أكتوبر 1973 في قضية شركة B.P ضد ليبيا: والتي ذهب فيها المحكم Lagegren (M)، إلى أن القانون الصادر بالتأميم قد أنهى عقد الإمتياز الممنوح لهذه الشركة ردًا على ما تمسكت به شركة B.P من أن التأميم والإجراءات اللاحقة عليه لا أثر لها في إنتهاء عقد الإمتياز، والذي يظل صحيحا وقابلا للتطبيق بإستثناء أثر عقد الإمتياز الذي يعد أساس لإختصاص محكمة التحكيم والذي أيضا يعطي الحق للشركة المطالبة بالتعويضات أمام محكمة التحكيم[64] .

2/ حكم التحكيم الصادر بتاريخ 27 نوفمبر 1975، في قضية Texaco ضد ليبيا: المتعلق بالفصل حول مسألة إختصاصه بالنظر في مسألة التأميم الذي قامت به ليبيا الذي وضع نهاية  لعقد الإمتياز ولشرط  التحكيم المدرج فيه من عدمه، حيث أقر المحكم بإختصاصه بالفصل في النزاع إستناذاً لمبدأ إستقلال إتفاق  التحكيم عن العقد الأصلي[65].

3/ حكم التحكيم الصادر بتاريخ 12/04/1977 في قضية LiMaco ضد ليبيا: والتي أقر فيها  المحكم بسريان مفعول إتفاق التحكيم  حتى بعد إنهاء العقد الذي يوجد فيه شرط  التحكيم من قبل ليبيا بإرادة متفردة إستناذًا إلى مبدأ إستقلالية إتفاق التحكيم عن العقد الأصلي، والذي من شأنه أن يزيل مخاوف المتعاملين ويحصن شرط التحكيم من كل أسباب البطلان التي تمس العقد الأصلي[66].

الخاتمة:

ونخلص مما تقدم إلى أن التحكيم اليوم أضحى من أهم الوسائل القانونية لفض المنازعات بين أطراف العلاقة التعاقدية لا سيما في مجال التجارة الدولية بصفة عامة، والتجارة البحرية بصفة خاصة، حيث عملت الدول إلى سن تشريعات خاصة تخدم مصالح القائمين بالتجارة البحرية ومن بين القواعد التي أخذ بها مبدأ إستقلال إتفاق التحكيم البحري عن العقد الأصلي الذي تضمنه.

– ويعد تكريس هذا المبدأ سواءًا في الإتفاقيات الدولية والتشريعات الوطنية إلى جانب نصوص لوائح وأنظمة التحكيم الدولي وكذا قرارات التحكيمة مبدأ قائما بذاته، حيث أصبح إتفاق التحكيم البحري يتمتع بإستقلالية تامة عن العقد الأصلي الذي يتضمنه، وهو ما يجعله يتمتع بمزايا عدة كآلية أو أسلوب لتسوية منازعات التجارة البحرية تجعله قادرًا على حكم مثل هذه المنازعات دون التأثر بالعوارض التي قد تلحقها.

– إن الغرض من إقرار مبدأ إستقلال إتفاق التحكيم البحري هو تحرير هذا الإتفاق من قيود القوانين الوطنية ليكتسب في ذاته إستقلالا قانونيا، وفاعلية خاصة يستمدها من إرادة الأطراف وواقع المعاملات التجارية البحرية التي تكفل اللجوء إلى التحكيم كآلية لتسوية المنازعات البحرية بلا قيد أو شرط.

– من الفوائد التي يحققها مبدأ إستقلال إتفاق التحكيم البحري عن العقد الذي يتضمنه عدم تأثره ببطلان العقد الأصلي، والغاية من ذلك تحصين إتفاق التحكيم من الزوال، وبما أن إتفاق التحكيم هو إتفاق دولي، فإن تكريس هذه القاعدة في معظم التشريعات الدولية والوطنية واللوائح التحكيمية أعطاه صفة القاعدة المادية الدولية، حيث أصبح هذا المبدأ دون حاجة إلى الإستناد إلى النصوص القانونية أو الأحكام القضائية عند طرح النزاع البحري على التحكيم.

* ومما تقدم إرتأينا أن نتقدم بالإقتراحات التالية:

– ضرورة تطرق المشرع الجزائري – بصورة واضحة وصريحة – لمبدأ إستقلال إتفاق التحكيم، نظرا لأهميته في التجارة الدولية والبحرية إقتداءًا بأغلبية التشريعات وأنظمة التحكيم التي أخذت به.

– ضرورة توسيع نطاق هذا المبدأ في قانون الإجراءات المدنية والإدارية الجزائري ليشمل أيضا التحكيم الداخلي دون حصره في نطاق التحكيم الدولي، بسببِ تعرض هذه التفرقة إلى الإنتقادات على أساس أن المبرارات التي إعتمد في شأن إستقلال إتفاق التحكيم في المجال الدولي تصلح أيضا في مجال التحكيم الداخلي.

– عدم إقتصار فقط على حالة عدم تأثر إتفاق التحكيم ببطلان العقد الأصلي، لأن الإستقلال إتفاق التحكيم لا يتأثر أيضا حتى بالحالات الأخرى مثل حالات الفسخ والإنقضاء.

– الإستعانة بتجارب الدول الأخرى التي حققت أشواطا كبيرة في هذا المجال، من خلال فتح قنوات الإتصال معها ومع ما تشرف عليه من مراكز تحكيمية.

– تشجيع الأبحاث والدراسات المقارنة بين النصوص القانونية والإتفاقيات الدولية المتخصصة في المنازعات البحرية، وعقد مؤتمرات خاصة بالتحكيم البحري، مع الأخذ بعين الإعتبار ما تسفر عنه من نتائج وتوصيات وتكريسها ضمن التشريعات الوطنية.

قائـــمـــة المراجــــع

أ/ المراجع باللغة العربية:

* الكتب:

– أحمد إبراهيم إبراهيم، التحكيم الدولي الخاص، دار النهضة العربية، القاهرة، الطبعة الثانية، 1997.

– أحمد السيد صاوي، الوجيز في التحكيم طبقا للقانون 27 لسنة 1994 وأنظمة التحكيم الدولية، عدم ذكر دار النشر، 2013.

– الأنصاري حسن النيداني، الأثر النسبي لإتفاق التحكيم، دار الجامعة الجديدة، الإسكندرية، 2009.

– الوليد بن محمد بن علي البرماني، التحكيم في المنازعات البحرية، دار النهضة العربية – القاهرة – الطبعة الأولى – 2010.

– أمير محمد محمود طه، التحكيم في منازعات الحوادث البحرية، دار الجامعة الجديدة، الإسكندرية، 2017.

– حفيظة السيد الحداد، الإتجاهات المعاصرة بشأن إتفاق التحكيم، دار الفكر الجامعي الإسكندرية، 1996.

– عاطف محمد الفقي، التحكيم في المنازعات البحرية، دار النهضة العربية، الطبعة الأولى، 2021.

– عبد الباسط محمد عبد الواسيع، شرط التحكيم في عقد البيع التجاري الدولي، دار الجامعة الجديدة، الإسكندرية، 2014.

– عبد القادر ناريمان، إتفاق التحكيم وفقا لقانون التحكيم في المواد المدنية والتجارية، دار النهضة العربية، 1996.

– عبد المنعم دسوقي، التحكيم التجاري الدولي والداخلي، مكتبة مدبولي، القاهرة، 1994.

– فوزي محمد سامي، التحكيم التجاري الدولي، دار الثقافة، عمان، 2022.

– محمد عبد الفتاح ترك، شرط التحكيم بالإحالة وأساس إلتزام المرسل إليه بشرط التحكيم، دار الجامعة الجديدة للنشر، الإسكندرية، الطبعة الأولى، 2006.

– محمد محسن النجار، المنازعات البحرية وآليات تسويتها، دار المطبوعات الجامعية، الإسكندرية، 2017.

– منير عبد الحميد، التنظيم القانوني لتحكيم الدولي والداخلي في ضوء الفقه وقضاء التحكيم، منشأة المعارف، إسكندرية، 1998.

* الرسائل والمذكرات الجامعية:

– بلباقي بومدين، التحكيم في المنازعات الناشئة عن عقد النقل البحري للبضائع، رسالة دكتوراه، جامعة أبي بكر بلقايد – تلمسان- 2017 – 2018.

– بودالي خديجة، إتفاق التحكيم في عقد النقل البحري “دراسة مقارنة”، رسالة دكتوراه، جامعة أبو بكر بلقايد، تلمسان، 2014 – 2015.

– بولحية سعاد، إستقلالية إتفاق التحكيم كأسلوب لتسوية المنازعات التجارية الدولية، مذكرة ماجستير، جامعة الجزائر -1-، 2014.

– حسام الدين محمود الدن، طرق الطعن حكم التحكيم “دراسة مقارنة”، رسالة دكتوراه، جامعة عين شمس، 2013.

– ممدوح محمد حامد الشهوان، دور التحكيم في فض منازعات النقل البحري للبضائع، رسالة ماجستير، جامعة الشرق الأوسط – الأردن، 2018.

– نور الدين بن شيخ، شرط التحكيم في العقود الاقتصادية الدولية، مذكرة ماجستير، جامعة الجزائر، 1986.

* المقالات:

– أحمد إبراهيم عبد التواب، صور إتفاق التحكيم وإستقلاله، مجلة الأمن والقانون، أكاديمية شرطة دبي – الإمارات العربية المتحددة – السنة 16، العدد الأول، يناير 2008.

– بلباقي بومدين، مدلول مبدأ إستقلال إتفاق التحكيم في المنازعات البحرية – دراسة في ضوء قانون الإجراءات المدنية والإدارية الجزائري وأنظمة التحكيم البحري، المجلة الجزائرية للقانون البحري والنقل، المجلد 4، العدد 1.

– بليغ حمدي محمود الخياط أحمد أبو المجد محمد السيد عفيفي، انعكاسات مبدأي الصحة والإستقلالية بشأن القانون الواجب التطبيق على إتفاق التحكيم، مجلة الدراسات القانونية والإقتصادية، المجلد 7، العدد 2، ديسمبر 2021.

– حسام الدين محمود الدين، إستقلالية شرط التحكيم وآثاره “دراسة تحليلية مقارنة”، مجلة جيل – الأبحاث القانونية المعمقة – العدد 47 – 2021.

– حليمة كوسة، مبدأ إستقلالية إتفاق التحكيم التجاري الدولي، المجلة الجزائرية للأمن الإنساني، المجلد 05، العدد 02، السنة 2020.

– خنوسي عبد العزيز، بلباقي بومدين، مدلول مبدأ إستقلال إتفاق التحكيم في المنازعات البحرية (دراسة في ضوء الفقه والقضاء وأنظمة التحكيم البحري، مجلة البحوث القانونية والسياسية، المجلد 2، العدد السادس، جوان 2016.

– زهيرة كيسي، مبدأ إستقلالية شرط التحكيم التجاري عن العقد، مجلة الإجتهاد للدراسات القانونية والإقتصادية، مجلد 4، العدد 8، جوان 2015.

– زيبار الشادلي، النظام القانوني لإتفاق التحكيم، مجلة البحوث القانونية والسياسية، العدد السابع – 2016.

– عطية محمد عطية، نطاق إستقلال إتفاق التحكيم، مجلة الدراسات القانونية، العدد 22، (2019).       – علالي عبد الرحمن، إستقلالية إتفاق التحكيم التجاري الدولي عن العقد الأصلي، مجلة حقوق الإنسان والحريات العامة، مجلد 3، العدد 2، جوان، 2018.

– فرج سليمان حمودة، بعض مظاهر الإستقلال لهيئة التحكيم عن القضاء الرسمي – دراسة في ضوء التعديل الفرنسي لسنة 2011 موازنة بأبرز التشريعات الدولية والإقليمية والداخلية، مجلة البحوث القانونية، العدد 11، 2020.

– فهد بن محمد آل مساعد، أحكام سريان إتفاق التحكيم في منازعات العقود الدولية على الدولة، مجلة البحوث الفقهية والقانونية، العدد 41، أبريل 2022.

– محي الدين علم الدين، إتفاق التحكيم: إستقلاله وصياغته، مجلة التحكيم العالمية، عدد 8 – ملحق عدد الثامن، أكتوبر 2010.

– مزعاش عبد الرحيم، قضاء التحكيم كآلية لتسوية المنازعات البحرية، مجلة صوت القانون، المجلد التاسع، العدد 01 (2022).

– مصطفى ناطق صالح مطلوب، مبدأ إستقلال التحكيم التجاري، مجلة الرافدين للحقوق، المجلد 12، العدد 43 السنة 2010.

* النصوص القانونية:

– إتفاقية هامبورغ لعام 1978، إتفاقية الأمم المتحدة لنقل البضائع بحرًا.

– إتفاقية روما لعام 1980، بشأن القانون الواجب التطبيق على الإلتزمات التعاقدية.

– معاهدة نيويورك لعام 1958 والمتعلقة بإعتراف وتنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية.

– إتفاقية واشنطن لعام 1965 المتعلقة بتسوية المنازعات المتعلقة بإستثمارات بين الدول ومواطني الدول الأخرى.

– الإتفاقية الأوروبية للتحكيم التجاري لعام 1961.

– قانون الأونسيترال النموذجي للتحكيم التجاري الدولي لعام 1985، مع التعديلات التي أعتمدت في عام 2006.

– قانون رقم 08 – 09 المؤرخ في 25/02/2008، المتضمن قانون الإجراءات المدنية والإدارية، ج-ر 21 في 23/04/2008.

ب/ المراجع باللغة الفرنسية:

Ovrages et Articles :

– Pierre Meyer: OHADA Droit de l’arbitrage, Bruylant, Bruxelles, 2002.

– Blanchin (c), L’autonomie de la clause compromissoire : un modèle pour la clause attributive de juridiction ?, L-G-D-J- Paris, 1995.

– Fouchard (ph), Goldman (B), Gaillard (E), Traite de l’arbitrage commercial international, Litec, Paris,1996.

– Be Abderrahmane (D), La réforme du droit Algérien de l’arbitrage commercial, La garette du Palais, N° 101-103 (N° Spécial Algérie) 1999.

– Tarki Noureddine, l’arbitrage commercial international en Algérie, OPU – Alger, 1999.

– ROBLOTER (R), Ripert (G), Droit commercial, L-G-D-J Paris – 1986.

Sentence et Jurisprudence:

– C-A Paris, 21/03/1963, Arb, 1963, p125, C-A- orlenanse, 15/02/1966, Dalloz, p34.

– GAILLARD (E), arbitrage commercial international, J.CLA.P.C. fasc 1054 .

– Cass-civ, 14/07/1982, JDI, 1982, P843- Paris, 13/12/1985, JDI, 1988.

– Goldaman (B), Arbitrage commercial international, J.C.Dr . inter, 1989, Fasc 5861-1.

– Loquin (E), le conflit entre la compétence Judicaire, J,ce ,Fasce, 1034,2010.

– Cass-civ,14/04/1964, Rev.Arb,crit,Dr,inter,pri,1966,p68.note Batiffol.

– Sentence CAMP, N° 769, du 18/04/1990, D.M.F 1991, p 119.

– Sentence CAMP, N° 787, du 18/10/1990, D.M.F 1991, p 269.

– Sentence CAMP, N° 769, du 19/10/1990, D.M.F 1991, p 548.


[1]  بلباقي بومدين، التحكيم في المنازعات الناشئة عن عقد النقل البحري للبضائع، رسالة دكتوراه، جامعة أبي بكر بلقايد – تلمسان- 2017 – 2018، ص 210.

[2] عبد الباسط محمد عبد الواسيع، شرط التحكيم في عقد البيع التجاري الدولي، دار الجامعة الجديدة، الإسكندرية، 2014، ص 333.

[3] قانون رقم 08 – 09 المؤرخ في 25/02/2008، المتضمن قانون الإجراءات المدنية والإدارية، عدد رقم 21 في 23/04/2008.

[4] زهيرة كيسي، مبدأ لإستقلالية شرط التحكيم التجاري عن العقد، مجلة الإجتهاد للدراسات القانونية والإقتصادية، مجلد 4، العدد 8، جوان 2015، ص50.

[5] مصطفى ناطق صالح مطلوب، مبدأ إستقلال التحكيم التجاري، مجلة الرافدبن للحقوق، المجلد 12، العدد 43 لسنة 2010، ص 113.

[6] بلباقي بومدين، التحكيم في المنازعات الناشئة عن عقد النقل البحري، المرجع السابق، ص 211 و212.

[7] ممدوح محمد حامد الشهوان، دور التحكيم في فض منازعات النقل البحري للبضائع، رسالة ماجستير، جامعة الشرق الأوسط – الأردن، 2018، ص74.

[8] مصطفى ناطق صلح مطلوب، المرجع السابق، ص 131.

[9]  فوزي محمد سامي، التحكيم التجاري الدولي، دار الثقافة، عمان، 2022، ص 208، منير عبد الحميد، التنظيم القانوني لتحكيم الدولي والداخلي في ضوء الفقه وقضاء التحكيم، منشأة المعارف، إسكندرية، 1998، ص 120.

[10]  أحمد السيد صاوي، الوجيز في التحكيم طبقا للقانون 27 لسنة 1994 وأنظمة التحكيم الدولية، عدم ذكر دار النشر، 2013، ص 63.

[11]  مزعاش عبد الرحيم، قضاء التحكيم كآلية لتسوية المنازعات البحرية، مجلة صوت القانون، المجلد التاسع، العدد 01 (2022)، ص 421.

[12]  حليمة كوسة، مبدأ إستقلالية إتفاق التحكيم التجاري الدولي، المجلة الجزائرية للأمن الإنساني، المجلد 05، العدد 02، السنة 2020، ص 286.

زيبار الشادلي، النظام القانوني لإتفاق التحكيم، مجلة البحوث القانونية والسياسية، العدد السابع – 2016، ص 301 وما يليها. [13]

[14] عبد القادر ناريمان، إتفاق التحكيم وفقا لقانون التحكيم في المواد المدنية والتجارية، دار النهضة العربية، القاهرة، 1996، ص310.

[15] حسام الدين محمود الدن، إستقلالية شرط التحكيم وآثاره “دراسة تحليلية مقارنة”، مجلة جيل – الأبحاث القانونية المعمقة – العدد 47 – 2021، ص11 وما يليها.

[16] ممدوح محمد حامد الشهوان، المرجع السابق، ص 71.

[17] حسام الدين محمود الدن، طرق الطعن حكم التحكيم “دراسة مقارنة”، رسالة دكتوراه، جامعة عين شمس، 2013، ص 369 وما يليها.

[18] محي الدين علم الدين، إتفاق التحكيم: إستقلاله وصياغته، مجلة التحكيم العالمية، عدد 8 – ملحق عدد الثامن، أكتوبر 2010، ص 338 وما يليها.

[19] بلباقي بومدين، مدلول مبدأ إستقلال إتفاق التحكيم في المنازعات البحرية – دراسة في ضوء قانون الإجراءات المدنية والإدارية الجزائري وأنظمة التحكيم البحري، المجلة الجزائية للقانون البحري والنقل، المجلد 4، العدد 1، ص 261.

[20] خنوسي عبد العزيز، بلباقي بومدين، مدلول مبدأ إستقلال إتفاق التحكيم في المنازعات البحرية (دراسة في ضوء الفقه والقضاء وأنظمة التحكيم البحري)، مجلة البحوث القانونية والسياسية، المجلد 2، العدد السادس، جوان 2016، ص 114.

[21] بلباقي بومدين، التحكيم في المنازعات الناشئة عن عقد النقل البحري للبضائع، المرجع السابق، ص 213 وما يليها.

[22]  عطية محمد عطية، نطاق إستقلال إتفاق التحكيم، مجلة الدراسات القانونية، العدد 22، (2019)، ص 121.

[23]  الأنصاري حسن النيداني، الأثر النسبي لإتفاق التحكيم، دار الجامعة الجديدة، الإسكندرية، 2009، ص 14 وما يليها.

[24] أحمد إبراهيم عبد التواب، صور إتفاق التحكيم وإستقلاله، مجلة الأمن والقانون، أكاديمية شرطة دبي – الإمارات العربية المتحددة – السنة 16، العدد الأول، يناير 2008، ص 371.

[25]  عبد الباسط محمد عبد الواسع، المرجع السابق، ص 348.

[26]  فرج سليمان حمودة، بعض مظاهر الإستقلال لهيئة التحكيم عن القضاء الرسمي – دراسة في ضوء التعديل الفرنسي لسنة 2011 موازنة بأبرز التشريعات الدولية والإقليمية والداخلية، مجلة البحوث القانونية، العدد 11، 2020 ص 4.

[27]  الوليد بن محمد بن علي البرماني، التحكيم في المنازعات البحرية، دار النهضة العربية – القاهرة – الطبعة الأولى – 2010، ص 237 وما يليها.

[28] Cass-civ, 14/07/1982, JDI, 1982, P843- Paris, 13/12/1985, JDI, 1988, PN°108.

[29]  بليغ حمدي محمود الخياط أحمد أبو المجد محمد السيد عفيفي، انعكاسات مبدأي الصحة والإستقلالية بشأن القانون الواجب التطبيق على إتفاق التحكيم، مجلة الدراسات القانونية والإقتصادية، المجلد 7، العدد 2، ديسمبر 2021، ص 449 وما يليها، فهد بن محمد آل مساعد، أحكام سريان إتفاق التحكيم في منازعات العقود الدولية على الدولة، مجلة البحوث الفقهية والقانونية، العدد 41، أبريل 2022، ص 1316.

[30]  بولحية سعاد، إستقلالية إتفاق التحكيم كأسلوب لتسوية المنازعات التجارية الدولية، مذكرة ماجستير، جامعة الجزائر -1-، 2014، ص 40 و41.

[31] بودالي خديجة، إتفاق التحكيم في عقد النقل البحري “دراسة مقارنة”، رسالة دكتوراه، جامعة أبو بكر بلقايد، تلمسان، 2014 – 2015، ص 109و110.

[32]  أمير محمد محمود طه، التحكيم في منازعات الحوادث البحرية، دار الجامعة الجديدة، الإسكندرية، 2017، ص ص 278 و279.

[33] محمد محسن النجار، المنازعات البحرية وآليات تسويتها، دار المطبوعات الجامعية، الإسكندرية، 2017، ص 289.

[34] Goldaman (B), Arbitrage commercial international, J.C.Dr . inter, 1989, Fasc 5861-1, P8.

[35] نور الدين بن شيخ، شرط التحكيم في العقود الاقتصادية الدولية، مذكرة ماجستير، جامعة الجزائر، 1986، ص 92 وما يليها.

[36] Loquin (E), le conflit entre la compétence Judicaire, J,ce ,Fasce, 1034,2010,p23.

[37] أمير محمد محمود طه، المرجع السابق، ص 280.

[38]  محمد محسن النجار، المرجع السابق، ص 289 وما يليها.

[39] Pierre Meyer : OHADA Droit de l’arbitrage, Bruylant , Bruxelles, 2002,p79.

[40] عاطف محمد الفقي، التحكيم في المنازعات البحرية، دار النهضة العربية، القاهرة، الطبعة الأولى، 2021، ص 141.

[41] Blanchin (c) , L’autonomie de la clause compromissoire : un modèle pour la clause attributive de juridiction ?, L-G-D-J- Paris, 1995, P 16.

[42] حفيظة السيد الحداد، الإتجاهات المعاصرة بشأن إتفاق التحكيم، دار الفكر الجامعي، الإسكندرية، 1996، ص 27و28.

[43] Fouchard (ph), Goldman (B), Gaillard (E), Traite de l’arbitrage commercial international, Litec, Paris,1996,p219.

[44] تنص المادة الثالثة على أن: ” المحكم له سلطة تقرير إختصاصه وتقرير صحة إتفاق التحكيم أو صحة العقد الذي يكون شرط التحكيم جزءًا منه”.

[45] أحمد إبراهيم إبراهيم، التحكيم الدولي الخاص، دار النهضة العربية، القاهرة، الطبعة الثانية، 1997، ص 97.

[46] بلباقي بومدين، التحكيم في المنازعات الناشئة عن عقد النقل البحري للبضائع، المرجع السابق، ص 224.

[47] علالي عبد الرحمن، إستقلالية إتفاق التحكيم التجاري الدولي عن العقد الأصلي، مجلة حقوق الإنسان والحريات العامة، مجلد 3، العدد 2، جوان 2018، ص 394.

[48] Cass-civ,14/04/1964, Rev.Arb,crit,Dr,inter,pri,1966,p68.note Batiffol.

[49] مشار إليها في مرجع، عاطف محمد الفقي، المرجع السابق، ص 132.

[50]مشار إليها في المرجع: محمد عبد الفتاح ترك، شرط التحكيم بالإحالة وأساس إلتزام المرسل إليه بشرط التحكيم، دار الجامعة الجديدة للنشر، الإسكندرية، الطبعة الأولى، 2006، ص 454.

[51] Be Abderrahmane (D), La réforme du droit Algérien de l’arbitrage commercial, La garette du Palais, N° 101-103 (N° Spécial Algérie) 1999, P 28 ets

[52] Tarki Noureddine, l’arbitrage commercial international en Algérie, OPU – Alger, 1999, PP 47 et 48.

[53] بودالي خديجة، المرجع السابق، ص 101.

[54] ROBLOTER (R), Ripert (G), Droit commercial, L-G-D-J Paris – 1986, p251.

[55] C-A Paris, 21/03/1963, Arb, 1963, p125, C-A- orlenanse, 15/02/1966, Dalloz, p34.

[56] خنوسي عبد العزيز، بلباقي بومدين، مدلول إستقلال إتفاق التحكيم في المنازعات البحرية، المرجع السابق، ص 129.

[57] GAILLARD (E), arbitrage commercial international, J.CLA.P.C. fasc 1054, p7.

[58] حفيظة السيد الحداد، المرجع السابق، ص 39.

[59] أمير محمد محمود طه، المرجع السابق، ص 371.

[60] بلباقي بومدين، التحكيم في لمنازعات الناشئة عن عقد النقل البحري للبضائع، المرجع السابق، ص 230.

[61] عبد المنعم دسوقي، التحكيم التجاري الدولي والداخلي، مكتبة مدبولي، القاهرة، 1994، ص 167.

[62] علالي عبد الرحمان، المرجع السابق، ص 397 و398.

[63] Voir Par Exemple :

– Sentence CAMP, N° 769, du 18/04/1990, D.M.F 1991, p 119.

– Sentence CAMP, N° 787, du 18/10/1990, D.M.F 1991, p 269.

– Sentence CAMP, N° 769, du 19/10/1990, D.M.F 1991, p 548.

[64] مشار إليه في مرجع دعلالي عبد الرحمان، المرجع السابق، ص 398.

[65] مشار إليه في مرجع: حفيظة السيد الحداد، المرجع السابق، ص 136.

[66] مشار إليه في نفس المرجع، ص 136.

لا تعليق

اترك تعليقاً