التحكيم في العلاقات الدولية.. دراسة تاريخية في الوثائق الامريكية
معاهدات التحكيم بين الولايات المتحدة واوربا عام 1928
الاستاذ الدكتور المحكم الدولي
ابراهيم سعيد البيضاني
مقدمة في المفهوم واللمحة التاريخية
القضاء والتحكيم الدوليان وسيلتان سلميتان لحل النزاعات الدولية بطرق قانونية. والفرق بين التحكيم والقضاء الدوليين من الناحية التاريخية، فالتحكيم أقدم من القضاء، وكان انشاء محكمة العدل الدولية الدائمة منعطفا مهما في تاريخ التحكيم.
والتحكيم كما تعرفه اتفاقية لاهاي الأولى لعام 1907 هو طريقة لفض النزاعات بين الدول وغيرها من الأشخاص الدولية بوساطة محكم أو أكثر من اختيارها وعلى أساس الحق. وهو طريقة قانونية لقراراته قوة الإلزام. ويعرَّف التحكيم بأنه وسيلة لحسم نزاع بين شخصين أو أكثر من أشخاص القانون الدولي بواسطة حكم صادر عن محكم أو مجموعة محكمين يختارون من قبل الدول المتنازعة. ويعرف القضاء الدولي بأنه وسيلة لحسم نزاع بين شخصين أو أكثر من أشخاص القانون الدولي بواسطة حكم (قانوني) صادر عن هيئة دائمة تضم قضاة مستقلين جرى اختيارهم مسبقاً وبصورة مستقلة عن إرادة المتنازعين. [1]
ويلتقي التحكيم والقضاء كونهما وسيلة سلمية لحل المنازعات الدولية، وانهما وسيلة لحل نزاع دولي بين شخصين أو أكثر من أشخاص القانون الدولي، وما يزال بعض المؤلفين يشيرون إلى الدول على أنها أشخاص القانون الدولي الوحيدة ، وأن التحكيم والقضاء الدوليين مفتوحان في النزاعات الواقعة لا بين الدول فحسب بل بين الدول والمنظمات الدولية. ويشتركان في انهما وسيلة لحسم النزاع بين أشخاص القانون الدولي عن طريق حكم. أما نقاط الاختلاف بين التحكيم والقضاء الدوليين، فان القضاء الدولي يقدم النزاع إلى هيئة دائمة يسبق وجودها وجود النزاع نفسه ويستمر بعد انتهائه. أما في التحكيم الدولي فالنزاع يقدم إلى هيئة مؤقتة يتحقق وجودها بوجود النزاع نفسه وينعدم بانتهائه. فإذا ما نشأ نزاع بين دولتين وأرادتا إحالته إلى التحكيم فإنهما توقعان اتفاقاً يتضمن موضوع النزاع و أسماء المحكمين الذين اعتمدتهم الدولتان لينظروا فيها. [2]
وفي القضاء هناك قضاة مستقلين عن رغبة الأطراف المعنيين. يقول نظام محكمة العدل الدولية الدائمة الذي تبناه واضعو نظام المحكمة الحالية إن المحكمة تتألف من خمسة عشر قاضياً يختارون بغض النظر عن جنسياتهم من قبل مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة، أما في التحكيم فإن الدول هي التي تختار المحكمين في قضيتها، وبسبب توافر صفة الديمومة في القضاء، فإن الاجتهاد القضائي مستمر ومتواصل، ومتكامل بعكس الاجتهاد الصادر عن التحكيم فهو منقطع وغير متكامل، وهذا ما حدا بالمجموعة الدولية أكثر من مرة إلى تأليف هيئات للتنسيق والربط بين الاجتهادات التحكيمية على نحو يجعلها تسهم كاجتهادات المحاكم الدولية في نمو القضاء الدولي وتطويره.[3] وبالعموم فان التحكيم ينشأ نتيجة ظهور النزاع، وبالأخص ظهور النزاع ذات الطابع الدولي.
والمنازعة لغة، فان نزع الشيء من مكانه يعني قلعه ، من باب ضرب، ونازعه منازعة ، أي جاذبة في الخصومة ، وبينهم نزاعه (بالفتح) أي خصومة في حق ، التنازع التخاصم ، وأنتزع الشيء فأنتزع أي اقتلعه فاقتلع ، وتنازع القوم أي اختصموا.[4] وفي قوله تعالى في كتابه الكريم (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً).[5]
واصطلاحا عرف النزاع الدولي بأنه (الادعاءات المتناقضة بين شخصين قانونين دوليين أو أكثر).[6] ويوصف ايضا بانه (الخلاف الذي ينشأ بين دولتين على موضوع قانوني أو حادث معين وبسبب وجود تعارض في مصالحهما الاقتصادية أو السياسية أو العسكرية وتباين حججهما القانونية بشأنها).[7] فيما ذهب البعض إلى تعريف النزاع الدولي بأنه تلك الحالة التي تتضمن تباين وجهات النظر واختلافها حول مسائل غالباً ما تكون محكومة باعتبارات ذات طبيعة قانونية. أما محكمة العدل الدولية الدائمة فعرفت النزاع الدولي في قرارها الصادر بتاريخ 3 آب 1924 في قضية مافروميتس بأنه (خلاف بين دولتين على مسألة قانونية أو حادث معين أو بسبب تعارض وجهات نظرهما القانونية أو مصالحهما).[8]
في حين نجد ان محكمة العدل الدولية قد عرفت النزاع الدولي في قراراها الصادر بشأن قضية حق المرور في الأراضي الهندية على أنه (عدم الاتفاق حول مسألة من الواقع أو القانون ، وبمعنى آخر هو التعارض في الدعاوى القانونية أو المصالح بين شخصين).[9]
فأن مصالح الدول أو أشخاص القانون الدولي قد تتعارض في مسائل معينة وقد تختلف وجهات نظرها في نواح قانونية أو واقعية وأن هذا التعارض والاختلاف ينبغي تسويته منعاً لتطوره واحتمالات تحوله إلى نزاع أوسع قد يقود إلى حرب وما تجره هذه الحرب من ويلات، ولهذا فأن الدول والمنظمات الدولية تحرص على وضع الأسس الصحيحة لحل هذه المنازعات وبما يكفل حماية الأمن والسلم الدوليين .[10] وبالتالي كان التحكيم احد ابرز هذه السبل لحل النزاعات.
لمحة تاريخية
على الرغم من ان النزعة العدوانية والتوسعية كانت هي السمة المميزة للشعوب القديمة ، وكل شعب يحاول إخضاع الآخر لسلطانه ، إلا إن ذلك لا ينفي أبداً إن تلك الشعوب كانت تحاول تنظيم سير علاقاتها من خلال بعض القواعد القانونية البسيطة، ففي العراق القديم تضمنت معاهدة الصلح المعقودة بين مدينتي لكش وأوما عام (3001 ق.م) أموراً تتعلق بفض المنازعات بين الطرفين، أما في المجتمع اليوناني فكانت هناك روابط وصفات مشتركة ، تجمع بين المدن اليونانية ، إذ كانت هذه المدن تتبادل السفراء وتعقد المعاهدات لفض المنازعات بينها بالطرق السلمية. وللرومان قواعد قانونية لفض المنازعات بين الرومان والأجانب أو الأجانب أنفسهم الموجودين داخل روما ضمن إطار قانون الشعوب، أو من خلال ما يسمى بنظام التحكيم الإغريقي – الروماني ،لأن الرومان لم يشاءوا ان ينتزعوا من البلاد التي خضعت لحكمهم عاداتها السابقة في الالتجاء إلى التحكيم، أما العرب فيرى الكثير من الباحثين أنهم كانوا من الأمم السباقة التي حرمت الحرب في العلاقات الدولية وحبذت اللجوء إلى الوسائل السلمية لحل المنازعات، وخير دليل على ذلك ما ورد في اختلاف القبائل العربية على وضع الحجر الأسود عند إعادة بناء الكعبة حيث احتدم الخلاف إلى درجة كادت القبائل فيه أن تتقاتل فأشار البعض عليهم بأن يحتكموا إلى أول قادم فكان ان احتكموا إلى الرسول محمد (صلى الله عليه والة وسلم) ولم يكن قد بعث بعد. ان هذا يؤكد ان العرب قد لجأوا قبل الإسلام إلى التحكيم كوسيلة سلمية لفض المنازعات. [11]
وكان التحكيم حاضرا في العصور الوسطى، وعرفت الشريعة الإسلامية التحكيم في معاملات الناس في قوله تعالى: ﴿فابْعَثُوا حَكَماَ من أهْلِهِ وحَكَماً من أهْلِهَا﴾[12]. وكانت اوربا تحتكم في منازعاتها إلى البابا أو إلى الإمبراطور. وعندما ضعفت سلطته عند ظهور الحركات والدول القومية وبدأت الحركات القومية بالاشتداد تراجع التحكيم قليلاً. ولكن هذا لم يمنع تأليف هيئات خاصة تتفق الدول على تأليفها بمناسبة النزاع الذي يهدد الاتصال بين الدول.[13]
نظمت معاهدة السلام المعقودة سنة 1147 بين حاكمي هولندا والفلاندر مسائل فض المنازعات بين الطرفين حول مسائل تحديد التعويضات عن الخسائر التي نجمت عن الحرب وأوكلت المهمة إلى لجنة تحكيم مؤلفة من أثني عشر شخصاً ، وطبقاً لمعاهدة معقودة بينهما لفض منازعات الحدود التجأ ملكا هنغاريا وبوهيميا إلى شارل رانجوا ملك نابولي محكماً في فض النزاع وذلك في عام 1276م.[14]
وكانت معاهدة وستفاليا المعقودة عام 1648م فتعد نقطة تحول هامة في حياة أوربا ، إذ عقد لأول مرة مؤتمر بين دولها وبمحض إرادتها للاتفاق على حل للمنازعات والمشاكل فيما بينها ، حيث يعدها الكثيرون أنها قد وضعت الحجر الأساس لسياسة التوازن الدولي وفي عام 1669 عقدت معاهدة لفض المنازعات بين إنكلترا وسافوي تضمنت قواعد عديدة يلجأ إليها عند حصول منازعات بين رعاياهم . أما في القرن الثامن عشر فقد عقد ت اتفاقية (Jay) بين الولايات المتحدة الأمريكية من جهة وبريطانيا من جهة أخرى وذلك في نوفمبر من عام 1794 . حيث اتفقت الدولتان على تسوية العديد من المنازعات بينهما عن طريق لجنة تحكيم تنظر كل نزاع على حدة وتنتهي مهمتها بانتهاء النزاع والتوصل إلى تسوية سلمية له .[15]
ضرورات البحث ومقدماته التاريخية الصحيحة تفرض علينا ان نقدم قراءة موجزة لاهم القوانين والمعاهدات التي كانت مرجعيات لمعاهدات التحكيم التي عقدتها الولايات المتحدة عام 1928، اذ اشارت المعاهدات الى ثلاث مرجعيات مهمة، الاولى معاهدات التسوية السلمية لعام 1899 ، اذ عقد مؤتمر السلام الدولي الاول لعام 1899،ثم عقد مؤتمر السلام الثاني للدول التي لم تشارك في المؤتمر الاول، والثانية معاهدات التحكيم لعام 1908. اذ ان من مؤتمر السلام لدول أمريكا الوسطى الذي عقد في واشنطن في عام 1908، وقع المندوبون الذين مثلوا مختلف دول أمريكا الوسطى في ذلك المؤتمر ، من بين معاهدات أخرى ، معاهدة تنص على إنشاء لمحكمة تحكيم دائمة من المأمول لها أن تساهم في رفاهية الأمم المعنية. وجرى التفاوض بين الدول لعقد معاهدات لهذا الغرض. [16]
وبهدف معرفة مضامين واتجاهات معاهدات التحكيم لعام 1908، فقد اخترت معاهدة التحكيم التي وقعت بين الولايات المتحدة وفرنسا، اذ تنص على الخضوع للتحكيم في جميع المسائل ذات الطبيعة القانونية أو المتعلقة بتفسير المعاهدات ، والتي قد تنشأ بين البلدين والتي قد لا يكون من الممكن التسوية عن طريق الدبلوماسية ، تم إبرامها وتوقيعها من قبل المفوضين المعنيين في واشنطن ، في اليوم العاشر من فبراير ، سنة ألف وتسعمائة وثمانية، وتشير المعاهدة الى إن حكومة الولايات المتحدة الأمريكية وحكومة الجمهورية الفرنسية الموقعين على اتفاقية التسوية السلمية للمنازعات الدولية المبرمة في لاهاي في 29 يوليو 1899، اذ أنه بموجب المادة التاسعة عشرة من تلك الاتفاقية ، تحتفظ الأطراف المتعاقدة لنفسها بالحق في إبرام اتفاقات ، بهدف إحالة جميع المسائل التي ترى أنه من الممكن طرحها إلى التحكيم ، فقد اكدت المادة الأولى ان الخلافات التي قد تنشأ ذات طبيعة قانونية ، أو تتعلق بتفسير المعاهدات القائمة بين الطرفين المتعاقدين ، والتي قد لا يكون من الممكن تسويتها بالدبلوماسية ، تُحال إلى محكمة التحكيم الدائمة المنشأة في لاهاي عن طريق اتفاقية 29 يوليو 1899 ، بشرط ، أنها لا تؤثر على المصالح الحيوية ، أو الاستقلال ، أو شرف الدولتين المتعاقدتين ، ولا تعني مصالح طرف ثالث. في حين ان المادة الثانية تقول انه في كل حالة فردية ، يجب على الأطراف المتعاقدة ، قبل الاستئناف أمام محكمة التحكيم الدائمة ، إبرام اتفاقية خاصة تحدد بوضوح المسألة المتنازع عليها ، ونطاق صلاحيات المحكمين ، والفترات التي يجب تحديدها لتشكيل هيئة التحكيم، والمراحل المتعددة للإجراءات. [17] وبالتالي فقد وقعت الولايات المتحدة سلسلة من معاهدات التحكيم في عام 1908 مع مجموعة من دول العالم تشمل اوربا وامريكا اللاتينية وروسيا والصين.
والمرجعية الثالثة التي اعتمدت عليها معاهدات التحكيم التي عقدتها الولايات المتحدة في عام 1928 هي معاهدات السلام التي وقعت عامي 1913 و 1914، او ما يطلق عليه معاهدات بريان نسبة الى وزير الخارجية الامريكية W.j.Bryan ، ومن خلال المراسلات والتحركات الامريكية مع دول اوربا وامريكا اللاتينية وروسيا والصين لعقد تلك المعاهدات يمكن ان نفهم طبيعة هذه المعاهدات والاسس التي قامت عليها. ففي رسالة من وزير الخارجية الامريكية بريان الى الدبلوماسيين الأمريكيين في دول اوربا وامريكا اللاتينية وروسيا والصين بتاريخ7 يوليو 1913. تضمنت الرسالة عن سرور وسعادة وزير الخارجية بان خطة الرئيس الامريكي للسلام قد حظيت بقبول كافة الدبلوماسيين الامريكيين ويرى ان الخطى تسير نحو منع الحرب، وضمن رسالته بخطة ومقترحات الرئيس الامريكي ولسن للسلام، اذ ركزت مقترحات الرئيس على جملة من القراءات والاراء. [18]
كل هذه السياسات والتحركات هدفها زيادة مساحة الجهود الدبلوماسية مقابل الحد من احتمال الاتجاه للحرب في التعامل مع الازمات والخلافات، اذ ان هناك مشاكل قائمة بين الدول لا يمكن تسويتها بالطرق الدبلوماسية.
اذ يرى الرئيس الامريكي ولسن أن جميع المسائل مهما كانت طبيعتها وطبيعتها ، في الخلاف بينهما ، يجب ، عند فشل الجهود الدبلوماسية ، تقديمها للتحقيق وتقديم تقرير إلى لجنة دولية (يتم الاتفاق على التكوين) ؛ وتوافق الأطراف المتعاقدة على عدم إعلان الحرب أو بدء الأعمال العدائية حتى يتم إجراء هذا التحقيق وتقديم التقرير.وفي خطته للسلام اقترح الرئيس الامريكي أن تتكون اللجنة الدولية من خمسة أعضاء عضو واحد من كل دولة متعاقدة تختاره الحكومة. ويتم اختيار عضو واحد من قبل كل دولة متعاقدة يتم اختياره من بلد آخر ، والعضو الخامس في اللجنة يتم الاتفاق عليه من قبل الحكومتين. كما يتم الاتفاق على الوقت ويقترح أن يكون ذلك الوقت سنة واحدة. إذا تم اعتبار السنة طويلة جدًا أو قصيرة جدًا ، فستنظر هذه الحكومة في فترة أطول أو أقل.
واكد الرئيس في مقترحاته لخطة السلام ان تكون الحكومة مستعدة للنظر في مسألة الحفاظ على الوضع الراهن فيما يتعلق بالإعداد العسكري والبحري خلال فترة التحقيق ، إذا كانت الدولة المتعاقدة ترغب في تضمين ذلك ، وتقترح أن يتفق الطرفان على عدم حدوث تغيير في البرنامج العسكري والبحري خلال فترة التحقيق ما لم يكن هناك خطر على أحد الأطراف المتعاقدة من قوة ثالثة، وعلى الرغم من ذلك فان الرئيس الامريكي كان يرى ان مقترحاته معروضة للنظر ولا تعد شروطا ثابتة للتفاوض. [19]
في رسالة من وزير الخارجية الامريكية W. J. Bryan إلى المسؤولين الدبلوماسيين للولايات المتحدة في دول امريكا اللاتينية واوربا والصين وروسيا بتاريخ ١٢ أغسطس ، ١٩١٣. وارفق مع رسالته نسخة من المعاهدة التي تم إبرامها مع سلفادور. واكد لهم أنها تجسد جميع التفاصيل المقترحة فيما يتعلق بخطة الرئيس لتأمين التحقيق في جميع حالات النزاع، واكد ان هدف بلاده هو تأمين التحقيق في جميع القضايا مهما كانت ووقت المداولات قبل أي إعلان للحرب أو بدء الأعمال العدائية. وقد أيدت 26 دولة هذا المبدأ حتى اب 1913 ، وتمثل هذه الدول أكثر من أربعة أخماس سكان العالم. ويرى انه ليس من المتوقع أن توافق جميع الدول على نفس التفاصيل وليس من الضروري على الإطلاق أن تكون المعاهدات المتعددة متطابقة في اللغة. [20]
وفي رسالة من وزير الخارجية الامريكية بريان إلى المسؤولين الدبلوماسيين للولايات المتحدة في دول امريكا اللاتينية واوربا والصين وروسيا بتاريخ 18 ديسمبر 1913. تضمنت الخطة التي تم اعلام ومخاطبة الرئيس الامريكي حولها بشان معاهدات السلام، اذ ارفق وزير الخارجية الامريكي نسخة من المعاهدة مع سلفادور التي تنص على التحقيق في جميع حالات الخلاف. واشار الى ان بلاده وقعت أربع معاهدات أخرى متطابقة في اللغة مع غواتيمالا وبنما وهندوراس ونيكاراغوا. فضلا عن توقيع معاهدة مع هولندا ، ومن خلال المقارنة بين المعاهدتين تكمن نقطة الاختلاف الرئيسية في الإلغاء من معاهدة هولندا للقسم بأكمله المتعلق بالجيش والوضع البحري. كانت الحكومة الامريكية على استعداد في جميع الأوقات لحذف هذا القسم أو تعديله ليناسب رغبات الدول المتعاقدة. هناك بعض التغييرات الطفيفة ، لعل ابرزهما اثنتان أساسيتان هما: أولاً الحكم الذي يتطلب من الدول تقديم الحقائق الضرورية أثناء التحقيق ؛ وثانياً ، النص على ألا يكون العضو الخامس في اللجنة مواطناً في أي من البلدين المتعاقدين. وأعرب الرئيس عن سعادته بقبول 31 دولة لمبدأ خطة السلام المقترحة. اذ تضم هذه الدول أكثر من ثلاثة أرباع سكان العالم.[21]
ولغرض معرفة ماهية ومضمون معاهدات السلام التي وقعتها الولايات المتحدة مع العديد من الدول نضع المعاهدة التي وقعتها الولايات المتحدة مع هولندا التي تم التوقيع عليها في واشنطن في 18 ديسمبر ، 1913 نموذجا نستدل منه على طبيعة تلك المعاهدات، اذ اكد البلدان في ديباجة هذه المعاهدة رغبة الحكومتان في تقوية أواصر الصداقة التي تربطهما ببعضهما البعض وكذلك لتعزيز قضية السلام العام ، وتضمنت المعاهدة اربعة مواد، في المادة الأولى اتفقت الأطراف المتعاقدة على أن جميع النزاعات بينها ، من أي نوع كانت ، والتي لا تنطبق معاهدات أو اتفاقيات التحكيم السابقة بشروطها أو التي لا تطبق في الواقع ، يجب عند فشل الطرق الدبلوماسية للتسوية ، إحالتها للتحقيق وتقديم تقرير إلى لجنة دولية دائمة ، ويتم تشكيلها على النحو المنصوص عليه في المادة الثانية ؛ ويوافقون على عدم إعلان الحرب أو بدء الأعمال العدائية أثناء هذا التحقيق وقبل تقديم التقرير.[22]
ووضعت المادة الثانية الية لتشكيل اللجنة الدولية التي تتكون من خمسة أعضاء يتم تعيينهم على النحو التالي: – يتم اختيار عضو واحد من كل دولة من قبل حكومتها ؛ يتم اختيار عضو واحد من قبل كل حكومة من بلد ثالث ؛ يتم اختيار العضو الخامس بالاتفاق المشترك بين الحكومتين ، على أن يكون مفهوماً أنه لن يكون من مواطني أي من البلدين. يتم دفع نفقات اللجنة من قبل الحكومتين بنسب متساوية. والمادة الثالثة تشير الى انه إذا أخفقت الأطراف المتعاقدة في تسوية النزاع بالطرق الدبلوماسية ، فعليها أن تحيله على الفور إلى اللجنة الدولية للتحقيق فيه وتقديم تقرير عنه، ويجوز للجنة الدولية أن تعرض تلقائيًا خدماتها لهذا الغرض ، وفي مثل هذه الحالة عليها إخطار الحكومتين وتطلب تعاونهما في التحقيق. وتتفق الأطراف السامية المتعاقدة على تزويد اللجنة الدولية الدائمة بكل الوسائل والتسهيلات اللازمة لتحقيقها وتقديم تقرير عنها. ويُستكمل تقرير اللجنة الدولية في غضون سنة واحدة من التاريخ الذي تعلن فيه بدء تحقيقها ، ما لم تحدد الأطراف السامية المتعاقدة الوقت أو تمدده بالاتفاق المتبادل. في حين ان المادة الرابعة تقول ان التصديق على هذه المعاهدة يتم من قبل رئيس الولايات المتحدة الأمريكية بمشورة وموافقة مجلس الشيوخ وبواسطة جلالة ملكة هولندا ؛ ويتم تبادل التصديقات في أسرع وقت ممكن. تصبح سارية المفعول فور تبادل التصديقات ، ويستمر نفاذها لمدة خمس سنوات ؛ وبعد ذلك تظل سارية المفعول حتى اثني عشر شهرًا بعد أن يقوم أحد الأطراف السامية المتعاقدة بإخطار الطرف الآخر بنيته إنهائه.[23]
الخلاصة من هذه المقدمة التاريخية ان السنوات من 1899 حتى 1913 شهدت نشاطات دبلوماسية حثيثة من اجل السلام، وارتبطت معاهدات التحكيم بمعاهدات ومؤتمرات السلام، بوصف ان اللجوء للتحكيم في مشكلات العلاقات الدولية هو احد السبل التي تفضي الى حلول للمشكلات وتجنب الحرب. وبالتالي فان فهم هذه المعاهدات واتجاهاتها يؤدي الى فهم المرجعيات والاسس التي قامت عليها معاهدات التحكيم عام 1928.
في مطلع عام 1928 نشطت الدبلوماسية الامريكية في اتصالات ومفاوضات ومراسلات مع دول اوربية عديدة بشان التوقيع على معاهدات تحكيم جديدة بدلا من معاهدات التحكيم التي وقعت في الرابع من نيسان ابريل 1908، اذ تنتهي هذه المعاهدات بالتقادم في 24 يونيو حزيران 1928. وبالتالي فان عام 1928 يعد تاريخ مهم ومنعطف جديد في اطار تطور معاهدات التحكيم التي نظمت هذه المسالة المهمة بين الدول المختلفة، فمسالة التحكيم تعد من المسائل المهمة التي شغلت الدبلوماسية، وبالاخص ان موضوع البحث الذي يعتمد الوثائق الامريكية قد اهتم بشكل اساسي بالمعاهدات التي عقدت بهذا الشان بين الولايات المتحدة ودول اوربا. لذلك فان فهم وقراءة تطور العلاقات الدولية بشان مسالة التحكيم يتطلب ادراك حقيقتين لمسناها من خلال تتبع الاتفاقيات المتعددة، اولهما مجموعة الاتفاقيات التي وقعت في مطلع القرن العشرين وبالتحديد معاهدات عام 1908، والحقيقة الثانية التي يجب الاشارة اليها ان المعاهدة الامريكية الفرنسية 1928 تعد الارضية التي بنيت عليها المفاوضات بين الولايات المتحدة واوربا.
ومنذ نهاية عام 1926 بدأت الاتصالات الدبلوماسية الامريكية الفرنسية بشان مشروع معاهدة تحكيم مقترحة بين الولايات المتحدة وفرنسا، تعمل أحكامها على توسيع سياسة التحكيم المنصوص عليها في الاتفاقية الموقعة في واشنطن في 10 فبراير 1908 (والتي تنتهي قبل التقادم في 27 فبراير 1928) ، وفي هذه المعاهدة عبرت الحكومتين عن رغبتهما في إدانة الحرب كأداة. للسياسة الوطنية في علاقاتهم المتبادلة. [24]
فالتحرك الدبلوماسي الامريكي والدولي الجديد الذي بدا منذ عام 1926 كانت تفرضه مسالة ان الاتفاقيات الموقعة في واشنطن عام 1908 ستنتهي بالتقادم عام 1928، وعلى المجتمع الدولي ان يتحرك لصياغة احكام جديدة قد تتطلب الحاجة الى توسيع واعادة صياغة لهذه المعاهدات.
في ديباجة المعاهدة بين الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا التي وقعت في واشنطن في 6 فبراير 1928 من قبل رئيس الولايات المتحدة الأمريكية ورئيس الجمهورية الفرنسية، تم التاكيد على عزم الحكومتين على منع أي انقطاع في العلاقات السلمية القائمة بين البلدين منذ أكثر من قرن، وتأكيد رغبتهما في إعادة تأكيد تمسكها بسياسة الخضوع لقرار نزيه لجميع الخلافات التي قد تنشأ فيما بينها يمكن التقاضي بشأنها ، اذ تؤكد المعاهدة عن حرصهما على تاكيد ادانة الحرب وضرورة اتقان الترتيبات الدولية للنزاعات الدولية. ووضعت المعاهدة باعتبارها المعاهدة الموقعة في واشنطن في 15 سبتمبر 1914 لتسهيل تسوية الخلافات بين الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا. وانهما قررا إبرام معاهدة جديدة للتحكيم لتوسيع نطاق اتفاقية التحكيم الموقعة في واشنطن في 10 فبراير 1908 ، والتي تنتهي سريانها في 27 فبراير 1928 . [25]
اذ اكدت المادة الأولى من معاهدة التحكيم بين فرنسا والولايات المتحدة عام 1928 ان أي نزاع ينشأ بين حكومة الولايات المتحدة الأمريكية وحكومة الجمهورية الفرنسية ، مهما كانت طبيعته عندما تفشل الإجراءات الدبلوماسية العادية ان يلجأ الأطراف السامية المتعاقدة إلى الفصل من قبل محكمة مختصة ، تُقدم للتحقيق والتقرير ، على النحو المنصوص عليه في المعاهدة الموقعة في واشنطن في 15 سبتمبر 1914 ، إلى اللجنة الدولية الدائمة المشكلة بموجبه.
في حين اشارت المادة الثانية الى ان جميع الخلافات المتعلقة بالمسائل الدولية التي تعنى بها الأطراف المتعاقدة بموجب دعوى حق قدمها أحدهما ضد الآخر بموجب معاهدة أو غير ذلك ، والتي لم يكن من الممكن تعديلها عن طريق الدبلوماسية ، والتي لم يتم تعديلها باعتبارها نتيجة الإشارة إلى اللجنة الدولية الدائمة، والتي تكون قابلة للتقاضي بطبيعتها بسبب كونها عرضة للقرار من خلال تطبيق مبادئ القانون أو الإنصاف ، يجب تقديمها إلى محكمة التحكيم الدائمة المنشأة في لاهاي بموجب اتفاقية 18 أكتوبر 1907 ، أو إلى محكمة مختصة أخرى ، كما يتم تحديده في كل حالة بموجب اتفاق خاص ، يجب أن تنص الاتفاقية الخاصة لتنظيم مثل هذه المحكمة إذا لزم الأمر ، وتحديد صلاحياتها ، وتسوية الاختصاصات. واستبعدت المادة الثالثة امكانية التذرع باحكام هذه المعاهدة الامور التي تدخل ضمن الاختصاص المحلي لاي من الاطراف المتعاقدة او تنطوي على مصالح طرف ثالث. [26]
فقراءة هذه المعاهدة التي وقعت بين الولايات المتحدة وفرنسا عام 1928 تؤكد حرص الدولتين على منع انقطاع العلاقات السلمية القائمة بين البلدين ورغبتهما بالخضوع الى قرار نزيهه يحل جميع الخلافات وادانة الحرب، اذ انه في حالة فشل الدبلوماسية في حل هذه الخلافات فانهما سيلجان الى الفصل بالأمر من خلال محكمة خاصة ضمن محكمة التحكيم الدائمة، على ان لا تدخل المسائل ذات الخصوصية الوطنية في هذه النزاعات.
مع الدانمارك فان الحوارات والمناقشات بين الجانبين الامريكي والدانماركي دارت حول اعتراض الدانمارك على المادة الاولى واجراء بعض التعديلات والتأكيد على استمرار معاهدات التوفيق الموقعة بين الدول سابقا.
ففي رسالة من وزير الخارجية الامريكية(Frank B. Kellogg) الى الوزير الدانماركي ((Brun) بتاريخ 22 اذار مارس 1928، يؤكد له بشأن مشروع مقترح لمعاهدة تحكيم بين الدانمارك والولايات المتحدة. بان أحكام هذا المشروع تعمل على توسيع سياسة التحكيم المنصوص عليها في اتفاقيات التحكيم المبرمة في عام 1908 بين الولايات المتحدة والعديد من البلدان الأخرى ، وهي متطابقة في الواقع مع أحكام معاهدة التحكيم الموقعة بين الولايات المتحدة وفرنسا في ٦ فبراير ١٩٢٨، وأن المادة الأولى من المعاهدة مع فرنسا لا تظهر في المسودة المقدمة طيه. تم استعارة لغتها من لغة معاهدة تعزيز السلام الموقعة في عام 1914 ، وقد نشأ بعض التساؤل حول ما إذا كانت المعاهدة الجديدة قد أثرت على وضع معاهدة عام 1914 ، وقد تم حل المسألة في حالة فرنسا بتبادل المذكرات التي تسجل فهم الحكومتين بأن معاهدة التوفيق السابقة لم تتأثر بأي شكل من الأشكال بمعاهدة التحكيم اللاحقة.
واقترح إلغاء المادة الأولى من المعاهدة الفرنسية والمادة الثانية المعدلة (وهي المادة الأولى من المشروع المقترح بالاستعاضة عن عبارة “اللجنة الدولية الدائمة بعبارة “اللجنة الدولية الدائمة المشكلة بموجب معاهدة التوفيق، وبما أنه لا توجد معاهدة للمصالحة سارية بين الدانمارك والولايات المتحدة ، فلا يمكن بالطبع استخدام هذه الصيغة الأخيرة. لذلك لم أذكر في المادة الأولى أي لجنة دولية دائمة تشير بدلاً من ذلك إلى “لجنة توفيق مناسبة”. وبالتالي يمكن أن تسير المفاوضات بشأن معاهدة التحكيم وإبرامها بشكل مستقل عن المفاوضات المتعلقة بمعاهدة التوفيق.
واعرب وزير الخارجية الامريكية ان رغبة بلاده تتجاوز ابرام معاهدة تحكيم مع حكومة الدانمارك، بل أيضًا معاهدة التوفيق على غرار ما يسمى بمعاهدات بريان التي وقعتها الولايات المتحدة مع العديد من الدول، في عامي 1913 و 1914. وان هذه المعاهدات تؤدي الى تعزيز العلاقات الودية بين شعوب البلدين ، ودفع قضية التحكيم والتسوية السلمية للنزاعات الدولية. [27]
وعلى نفس المنوال وبنسخة مطابقة ارسل وزير الخارجية الامريكية رسالة الى القنصل الإستوني العام في نيويورك (Mutt) بتاريخ 6 شباط 1928، [28] ورسالة وزير الخارجية الامريكية الى الوزير اليوناني ( ( Simopoulosبتاريخ 23 ابريل نيسان 1928هي طبق الاصل من تلك المراسلات. [29]
وبشان معاهدة التحكيم بين الولايات المتحدة وبلجيكا، فقد بعثت وزارة الخارجية الامريكية الى السفير البلجيكي في واشنطن بتاريخ 26/3/1928، رسالة مطابقة تماما للرسائل الموجهة الى دول اوربا الاخرى وفي الوقت نفسه، وبنفس الاسس والقواعد للتفاوض. [30] وقد رد وزير الخارجية النرويجي في رسالة موجهة الى نظيره الامريكي بتاريخ 27 /4/1928، يشير فيها الى انها ردا على رسالته في العاشر من مارس 1928 حول التفاوض لمشروع معاهدة مقترحة للتحكيم بين مملكة النرويج والولايات المتحدة، حددت الاسس التي يتم فيها التفاوض لمعاهدة جديدة بدلا من معاهدة التحكيم الحالية بين البلدين الموقعة في واشنطن في 4 أبريل 1908 وتنتهي بالتقادم في 24 يونيو 1928، فقد ابدى وزير الخارجية النرويجي رغبة بلاده لتعزيز العلاقات الودية بين البلدين والنهوض بقضية التحكيم والتسوية السلمية للنزاعات الدولية، واشار الى رغبة حكومته في تمديد المعاهدة الحالية لمدة خمس سنوات، مع ادخال تعديلات على المادة الاولى من معاهدة 29/يوليو/1899 والاستعاضة عنها بعبارة وردت في معاهدة 18 اكتوبر 1907 وهذه العبارة((لا تؤثر على المصالح الحيوية او استقلال او شرف الدولتين المتعاقدتين)) وان الحكومة النرويجية تفضل التفاوض على اساس دعم معاهدة 1908. [31] وبالتالي فان بلجيكا تريد العودة الى معاهدة 1899 ومعاهدة 1907 مع اجراء تعديلات وخاصة المادة الاولى من معاهدة 1899.
وبشان الاتصالات مع المانيا للتوصل الى صيغة مناسبة لاتفاقية التحكيم، فقد ابدى السفير الالماني في واشنطن في حديث غير رسمي مع وكيل وزارة الخارجية الامريكية انه اعرب عن ارتياحه للتوضيحات الامريكية, ولا يرى أي سبب لعدم موافقة الحكومة الالمانية، وعلقت وزارة الخارجية الامريكية انه لا يبدو ان يظهر أي سؤ فهم اذا توفرت الرغبة الصادقة في تنفيذ روح المعاهدة.
بعد الدخول في “اتفاقية خاصة” بموجب المادة الأولى من معاهدة التحكيم ، لا يجوز لأي طرف أن يتذرع بإجراءات التوفيق الموازية أو اللاحقة للتحكيم انسجاما مع لغة معاهدات بريان الأصلية والتي من أجل تحقيق التوحيد شعرت الإدارة أنه من غير الحكمة تعديلها. لا يبدو أن هذا الموقف يمثل أي صعوبات مادية لأن أي من الطرفين في المقام الأول يمكنه الاختيار بين التحكيم أو التوفيق ، وبعد اختيار التحكيم يبدو أنه لا توجد فائدة تذكر في التحول إلى إجراءات التوفيق ، إلا فيما يتعلق بالتبادل. ويتعهد بعدم اللجوء إلى الحرب على ذمة تقرير هيئة التوفيق. من الناحية العملية إذا أثيرت مسألة تهدد العمليات العدائية عن بعد ، فلن يكون من الحكمة للطرفين عدم اعتماد إجراءات التوفيق في المقام الأول، علاوة على ذلك في حالة دخول معاهدة متعددة الأطراف لنبذ الحرب على غرار ما هو قيد المناقشة حيز التنفيذ ، فسيتم الاهتمام بالمسألة بشكل مرضٍ أكثر من معاهدة التوفيق. وفي الملاحظة الثانية لوزارة الخارجية الامريكية انه إذا اعتبر أحد الطرفين أن قضية التحكيم قد نشأت ولكن لا يمكنه الاتفاق مع الطرف الآخر على شروط التحكيم ، يحق لأي من الطرفين طلب التوفيق نظرًا لأن “اللجوء إلى الفصل من قبل محكمة مختصة” لا يمكن أن يكون قيل أنه كان في مكان لم يتم التوصل إلى اتفاق بشأن حل وسط. [32]
فضلا عن ذلك يمكن الاحتجاج بالتحكيم فيما يتعلق بالمسائل “التي لم يتم تعديلها كنتيجة للإشارة إلى لجنة التوفيق المناسبة”. وبالتالي يجوز لأي من الطرفين طلب التحكيم طالما أن الخلاف لم يتم “تعديله” عن طريق التوفيق ، ويبدو أنه يتبع ذلك مجرد الإشارة إلى لجنة التوفيق لا يمكن عقدها لمنع اللجوء إلى التحكيم.
ويجب أن يؤخذ تعريف السؤال القابل للمقاضاة في المادة الأولى ككل ، أي أنه يدخل في نطاق معاهدة التحكيم ، يجب أن يكون الاختلاف في وقت واحد متعلقًا بمسألة دولية ، على أساس مطالبة صحيحة وقابلة للمقاضاة بطبيعتها بسبب قابليتها للقرار من خلال تطبيق مبادئ القانون أو الإنصاف، وان اي مسألة تنشأ بموجب معاهدة أو بموجب مبادئ راسخة في القانون الدولي. إذا كان السؤال يندرج ضمن هذا التعريف ، فلا يمكن استبعاده من التحكيم لأن أحد الأطراف قد يدعي أنه ينطوي على شرف وطني أو مصالح حيوية.
والملاحظة الاخرى في نظر الولايات المتحدة ان البند (أ) من المادة الثانية من معاهدة التحكيم يهدف إلى استبعاد من نطاق المعاهدة أسئلة مثل حدوث الضرائب المحلية والتعريفات وهجرة الأجانب وجميع مسائل السياسة الداخلية ما لم تتعارض هذه الأمور مع حق المعاهدة بين دولتين. من الواضح أن كل هذه الأسئلة السياسية تقع ضمن الاختصاص المحلي البحت لطرفي المعاهدة. هذا لا يعني ، من الأمور التي تدخل في اختصاص المحاكم أو المحاكم المحلية ، ولكن المسائل ذات الاهتمام الوطني البحت لأنها تخضع بالكامل لسيطرة الحكومة أو اختصاص البلدين. وإذا كان السؤال ذا طابع دولي وكان ادعاءً بحق خاضعًا للقرار من خلال تطبيق مبادئ القانون ، فلا يمكن بالطبع سحب حق التحكيم من قبل أي من البلدين من خلال التشريعات التي تخدم مصالحها الذاتية. [33] وبالتالي فان الحوارات مع المانيا اخذت مساحة كبيرة منها في المفاضلة بين التحكيم والتوفيق.
وبشان المفاوضات بين الولايات المتحدة وبريطانيا حول التوصل لمعاهدات جديدة للتحكيم، فقد كانت بينهما سابقة تاريخية خلال القرن الثامن عشر في مجال التحكيم في قضية الألآباما بين الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا. فالألآباما إحدى السفن التي خرجت من ليفربول بطاقمها من المسلحين وبدأت الاشتباك مع سفن الشمال وإغراق عدد منها. وعندما انتهت الحرب بانتصار الولايات الشمالية طالبت هذه الأخيرة إنكلترا بالتعويض عن الأضرار التي سببتها لها الألآباما باعتبار أن إنكلترا مسؤولة عنها نتيجة موقفها العدائي والمخالف لقواعد الحياد في الحرب، ولم تقبل إنكلترا هذا الادعاء وتوترت العلاقات بين البلدين حتى أمكن أخيراً الاتفاق بموجب معاهدة واشنطن لعام 1871 على عرض الأمر على لجنة تحكيمية مؤلفة من خمسة أعضاء، تعيِّن كل من الحكومتين الأمريكية والبريطانية واحداً منهم أما الثلاثة الآخرون فيعينون من قبل ملك إيطاليا ورئيس الاتحاد السويسري وامبراطور البرازيل. واجتمعت اللجنة في جنيڤ وأصدرت حكمها في شهر أيلول/سبتمبر 1872 فجاء في مصلحة الولايات المتحدة ملزماً إنكلترا دفع تعويض عن الأضرار التي سببتها الألآباما.[34]
وبالتالي كانت لبريطانيا محطة مهمة في اطار معاهدات التحكيم خلال الفترة التاريخية مدار البحث.وفي رسالة من وزير الخارجية الامريكية الى نظيره البريطاني حول مشروع معاهدة تحكيم مقترح تسري أحكام هذا المشروع على التمديد، تشير الى ان سياسة التحكيم المنصوص عليها في الاتفاقية الموقعة في واشنطن في 4 أبريل 1908 (والتي تنتهي في 4 يونيو 1928) ، وتسجيل صراحة رغبة الحكومتين في إدانة الحرب كأداة للسياسة الوطنية في علاقاتهما المتبادلة. ويؤكد وزير الخارجية الامريكية ان تكون لغة المشروع ، مع مراعاة ما يقتضيه اختلاف الحال ، متطابقة مع لغة مشروع المعاهدة التي أرسلها وزير الخارجية الامريكية إلى السفير الفرنسي لتنظر فيها حكومته ، باستثناء التحفظ في نهاية المادة الثانية الذي يغطي المسائل التي تنطوي على مصالح ذاتية- تتعلق بدول دومينيون الإمبراطورية البريطانية. [35]
في رد وزير الخارجية الامريكية على مذكرة الحكومة البريطانية التي سلمها سفير بريطانيا في واشنطن لتبادل الافكار حول مسودة معاهدة التحكيم، يبدو ان هناك تحفظ على المادة الثانية، في حين ان بقية المواد تراها الولايات المتحدة مطابقة لمشروع معاهدة التحكيم مع فرنسا.
فيما يتعلق بالنظر في معاهدة التحكيم مع فرنسا ، نشأ سؤال حول ما إذا كانت تلك المعاهدة (التي تم توقيعها في 6 فبراير 1928 قد أثرت على حالة معاهدة تعزيز السلام الموقعة في عام 1914 ، جزء من اللغة التي أدرجت في المادة الأولى من معاهدة التحكيم. اذ لم تكن نية فرنسا أو الولايات المتحدة أن يتم تعديل معاهدة 1914 بأي شكل من الأشكال بواسطة معاهدة التحكيم الجديدة ، وأن أقترح إلغاء المادة الأولى من مشروع معاهدة التحكيم المرفقة بمذكرة وزارة الخارجية الامريكية المؤرخة في 29 ديسمبر 1927 ، بحيث يتم استبدال العبارة “ما ورد أعلاه” في المادة الثانية (التي تصبح بالتالي المادة الأولى). اللجنة الدولية الدائمة “، عبارة” اللجنة الدولية الدائمة المشكلة بموجب المعاهدة الموقعة في واشنطن ، 15 سبتمبر 1914 “، وأن المادتين الثالثة والرابعة سيعاد ترقيمهما الثاني والثالث على التوالي. من أجل تحقيق التوحيد ، أقترح أيضًا إضافة فقرة إلى المادة الثانية (على غرار الفقرة (د) من المادة الثالثة من المعاهدة الفرنسية) تستبعد من نطاق مسائل المعاهدة التي يعتمد موضوعها على أو ينطوي على مراعاة التزامات الإمبراطورية البريطانية وأن معاهدة التحكيم الجديدة لا تعدل بأي شكل من الأشكال أو تؤثر على المعاهدة الموقعة في 15 سبتمبر 1914. [36]
كان الخطاب الامريكي لجميع الدول الاوربية بشلن توقيع معاهدات التحكيم يكاد ان يكون متطابقا، لكن الردود ووجهات النظر الاوربية كانت مختلفة، ولكل دولة اوربية وجهة نظر، ومثلما كانت الحوارات الامريكية مع المانيا وبريطانيا مختلفة، فان النرويج كان لها راي اخر، فهي ترغب بتمديد معاهدة التحكيم لعام 1908 لفترة خمسة سنوات مع اجرا بعض التعديلات.
وكان الاعتراض الرئيسي الذي أبدته الحكومة النرويجية على مسودة المعاهدة ، والذي تم إرساله برسالتك بتاريخ 10 مارس 1928 ، هو أن المسودة تحدد “الاختلافات ذات الطبيعة القانونية” بطريقة أقل إرضاءً من معاهدة 1908.
تنص معاهدة 1908 في المادة 1 ، على أن “الخلافات التي قد تنشأ ذات طبيعة قانونية أو تتعلق بتفسير المعاهدات” يجب أن تحال إلى محكمة التحكيم الدائمة. تتوافق هذه النقطة مع الجزء الأول من المادة 1 في المسودة الأمريكية ، التي تنص على التحكيم في “الخلافات المتعلقة بالمسائل الدولية التي تكون الأطراف المتعاقدة معنية بها بموجب مطالبة بحق قدمها أحدهما ضد الآخر بموجب معاهدة أو غير ذلك. “.
ليس لدى الحكومة النرويجية ما تعلق عليه بشكل خاص، وترى عيوب المسودة الأمريكية ، على عكس معاهدة 1908 ، تنص على أنه لا يمكن لأي طرف أن يصر على التحكيم إلا في حالات الخلافات “التي تكون قابلة للتقاضي بطبيعتها بسبب كونها عرضة للقرار من قبل تطبيق مبادئ القانون أو الإنصاف “. وبذلك يُمنح كل طرف فرصة أخرى لإعلان أن أي نزاع ملموس خارج نطاق المعاهدة. وأنه في حالة وجود اختلاف ملموس ، لا يمكن إجراء تحكيم ، لا وفقًا للمعاهدة القديمة أو الجديدة دون مشورة وموافقة مجلس الشيوخ. لكن هذه الحقيقة لا تجعل من دون أهمية كيف تحدد المعاهدة الالتزام العام بإحالة الخلافات إلى التحكيم. [37]
واحال وزير الخارجية الامريكية في التاسع من ابريل نيسان 1927مقترح معاهدة تحكيم الى وزير الخارجية الفنلندي لتكون اساسا للتفاوض بشان مشروع معاهدة تحكيم بين الولايات المتحدة وفنلندا. أحكام هذا المشروع تعمل على توسيع سياسة التحكيم المنصوص عليها في اتفاقيات التحكيم المبرمة في عام 1908 بين الولايات المتحدة والعديد من البلدان الأخرى ، وهي متطابقة في الواقع مع أحكام معاهدة التحكيم الموقعة بين الولايات المتحدة وفرنسا في ٦ فبراير ١٩٢٨.
أن المادة الأولى من المعاهدة مع فرنسا لا تظهر في المسودة المقدمة. وتم استعارة لغتها من لغة معاهدة تعزيز السلام الموقعة في عام 1914 ، وقد نشأ بعض التساؤل حول ما إذا كانت المعاهدة الجديدة قد أثرت على وضع معاهدة عام 1914 ، وقد تم حل المسألة في حالة فرنسا بتبادل المذكرات التي تسجل فهم الحكومتين بأن معاهدة التوفيق السابقة لم تتأثر بأي شكل من الأشكال بمعاهدة التحكيم اللاحقة. من أجل تفادي المزيد من الأسئلة من هذا النوع ، يبدو أنه من المرغوب فيه تجنب التضمين في معاهدات التحكيم الأخرى لأي جزء من لغة معاهدات التوفيق السابقة ، حيث توجد مثل هذه المعاهدات ، وفي مثل هذه الحالات اقترحت إلغاء من المادة الأولى من المعاهدة الفرنسية والمادة الثانية المعدلة بالاستعاضة عن عبارة “اللجنة الدولية الدائمة ” بعبارة “اللجنة الدولية الدائمة المشكلة بموجب” المعاهدة المطبقة التوفيق. بما أنه لا توجد معاهدة للمصالحة سارية بين فنلندا والولايات المتحدة ، فلا يمكن بالطبع استخدام هذه الصيغة الأخيرة. لذلك لم أذكر في المادة الأولى أي لجنة دولية دائمة تشير بدلاً من ذلك إلى “لجنة توفيق مناسبة”. وبالتالي يمكن أن تسير المفاوضات بشأن معاهدة التحكيم وإبرامها بشكل مستقل عن المفاوضات المتعلقة بمعاهدة التوفيق.
واعرب وزير الخارجية الامريكية عن سروره ورغبة بلاده بان تبرم مع حكومة فنلندا معاهدة تحكيم ومعاهدة توفيق على غرار ما يسمى بمعاهدات بريان التي وقعتها الولايات المتحدة مع العديد من الدول. بلدان أخرى في عامي 1913 و 1914 ، واكد انه ارسل الى حكومة فنلندا مشروع مقترح لمعاهدة مصالحة مماثلة سارية المفعول لمعاهدات أخرى تكون الولايات المتحدة طرفًا فيها. ويرى وزير الخارجية الامريكية ان اعتماد معاهدات مثل تلك المقترحة ستؤدي الى تعزيز العلاقات الودية بين البلدين ودفع قضية التحكيم والتسوية السلمية للنزاعات الدولية.[38]
وفي التفاوض مع حكومة لوكسمبورغ وردا على استفسار رئيس وزراء لوكسمبورغ عما إذا كانت هذه الحكومة مستعدة للتوقيع على معاهدة تحكيم مع دوقية لوكسمبورغ الكبرى. فقد احالت الخارجية الامريكية مسودات معاهدات التحكيم والمصالحة بين الولايات المتحدة ولوكسمبورغ.
المعاهدتان المقترحتان متطابقتان في الواقع مع معاهدات التحكيم والتوفيق التي تم التوقيع عليها في واشنطن في 5 مايو 1928 من قبل ممثلي الولايات المتحدة وألمانيا ومع المعاهدات المماثلة التي تم إبرامها مؤخرًا بين الولايات المتحدة والدول الأخرى. تشبه مسودة معاهدة التحكيم من بعض النواحي معاهدات التحكيم المبرمة بين الولايات المتحدة والعديد من البلدان بدءًا من عام 1908 ، ولكنها تمثل في رأي هذه الحكومة تقدمًا واضحًا على الصيغة السابقة. بشكل كبير في النموذج المقدم طيه ،
يشبه مشروع معاهدة التوفيق من جميع جوانبه معاهدات التوفيق التي تم التفاوض عليها في عامي 1913 و 1914 من قبل الولايات المتحدة والتي أصبحت سارية مع العديد من البلدان.
واكدت مسودات المعاهدات المقترحة أن حكومتي الولايات المتحدة ولوكسمبورغ لديهما فرصة من خلال اعتماد تلك المعاهدات لتعزيز العلاقات الودية بين شعبي البلدين ولتعزيز قضية التحكيم ومنطقة المحيط الهادئ، تسوية النزاعات الدولية. واعرب وزير الخارجية الامريكية في مراسلاته مع نظيرة في حكومة لوكسمبورغ عن سعادته للدخول فورا بمفاوضات ومناقشات بعد القبول بالاراء والملاحظات التي ابداها لهم. [39] واختتمت رسالة وزير الخارجية بالقول ان اعتماد هذه المعاهدات من شانه تعزيز العلاقات الودية بين شعبي البلدين وتعزيز قضية التحكيم في المحيط الهادي وتسوية النزاعات الدولية.
ونختم القول ان التحكيم الذي كان حاضرا في حياة الشعوب والامم والحضارات وبين الدول باشكال مختلفة، فقد تم تنظيمه في قواعد واسس خلال السنوات الممتدة من 1899-1913 بمجموعة من المعاهدات والقواعد، وتعد هذه الفترة منعطف في تاريخ التحكيم، اذ اخذ المساحة المهمة التي يستحقها على صعيد العلاقات الدولية.
وبعد التطورات المهمة على صعيد العلاقات الدولية وظهور الكثير من النزاعات والخلافات والاختلاف في وجهات النظر، ازدادت الحاجة للتحكيم واصبح وسيلة فعالة لفك النزاعات والحد من الحروب.
وشغلت مسالة التحكيم مساحة كبيرة في الوثائق الامريكية وتقارير الدبلوماسيين الامريكيين، واهتمت الولايات المتحدة بإعادة تنظيم معاهدات التحكيم بعد انتهاء مدة سريان هذه المعاهدات عام 1928، لذلك جرت مفاوضات بين الولايات المتحدة من جهة وبقية دول العالم من جهة اخرى، وشغلت اوربا المساحة الاكبر.
زيادة على ذلك نقول ان قضايا التحكيم في المنازعات الدولية قدمت للبشرية نماذج وتجارب من انواع واليات التحكيم، وايجاد الحلول لكثير من المشكلات الدولية ونزع فتيل الازمات التي قد تؤدي الى الحرب.
[1] محمد عزيز شكري، القضاء والتحكيم الدوليان، المجلد: المجلد السادس: علم الفقه ــ المحكمة الأوربية لحقوق الإنسان رقم الصفحة ضمن المجلد : 365.
[2] سورة النساء ، الآية 59 .
[3] محمد عزيز شكري، المصدر السابق.
[4] أبن منظور ، لسان العرب ، الجزء الثامن ، ص351
[5] سورة النساء ، الآية 59 .
[6] سهيل حسين الفتلاوي ، المنازعات الدولية : دراسة في تسوية المنازعات الدولية بالوسائل السلمية واستخدام القوة العسكرية في ضوء أحكام القانون الدولي وتطبيقاتها العلمية في النزاع العراقي – الإيراني، 1986 ، ص25 .
[7] عصام العطية ، القانون الدولي العام ، ط4 ، لسنة 1987 ، ص379 . نقلا عن خلف رمضان محمد بلال الجبوري، ماهية المنازعات الدولية والوسائل السلمية لتسويتها عبر التاريخ ، دور المنظمات الدولية في تسوية المنازعات، ص11-20.
[8] شارل روسو ، القانون الدولي العام ، ترجمة شكر الله خليفة ، الأهلية للنشر ، بيروت ، 1982، ص283. نقلا عن خلف رمضان محمد بلال الجبوري، المصدر السابق.
[9] إبراهيم محمد العناني ، اللجوء إلى التحكيم الدولي ، من منشورات دار الفكر العربي ، ط1 ، لسنة 1973 ، ص202 نقلاً عن مجموعة أحكام محكمة العدل الدولية 1957 ، ص125-149 .
[10] خلف رمضان محمد بلال الجبوري، المصدر السابق.
[11] محمد عزيز شكري، القضاء والتحكيم الدوليان، المجلد: المجلد السادس: علم الفقه ــ المحكمة الأوربية لحقوق الإنسان رقم الصفحة ضمن المجلد : 365.
[12] النساء 53
[13] محمد عزيز شكري، المصدر السابق.
[14] محمد طلعت الغنيمي ، مصدر سابق ، ص31-32
[15] عبد العزيز محمد سرحان ، دور محكمة العدل الدولية في تسوية المنازعات الدولية وإرساء مبادئ القانون الدولي العام مع التطبيق على مشكلة الشرق الأوسط ، ط2 1986 ، ص9 .
[16] F.R.U.S, WITH THE ANNUAL MESSAGE OF THE PRESIDENT TRANSMITTED TO CONGRESS DECEMBER 8, 1908,File No. 8183/162–164. Ambassador Thompson to the Secretary of State .American,Embassy,Mexico , April 2, 1908 .
[17] F.R.U.S, WITH THE ANNUAL MESSAGE OF THE PRESIDENT TRANSMITTED TO CONGRESS, DECEMBER 8, 1908,By the President of the United States of America.
[18] F.R.U.S, WITH THE ADDRESS OF THE PRESIDENT TO CONGRESS DECEMBER 2, 1913,File No. 711.0012/102a. Washington, July 7, 1913.
[19]F.R.U.S, WITH THE ADDRESS OF THE PRESIDENT TO CONGRESS DECEMBER 2, 1913,File No. 711.0012/102a. Washington, July 7, 1913.
[20] To the diplomatic officers of the United States in Argentina, Austria-Hungary, Belgium, Bolivia, Brazil, Chile, China, Costa Rica, Cuba, Denmark, Dominican Republic, France, Germany, Great Britain, Guatemala, Haiti, Italy, Netherlands, Norway, Peru, Portugal, Russia, Spain, and Sweden.Washington, August 12, 1913.
[21] F.R.U.S, WITH THE ADDRESS OF THE PRESIDENT TO CONGRESS DECEMBER 2, 1913,File No. 711.0012/238a.
[22] F.R.U.S, WITH THE ADDRESS OF THE PRESIDENT TO CONGRESS DECEMBER 2, 1913,File No. 711.0012/238a.
[23] F.R.U.S, WITH THE ADDRESS OF THE PRESIDENT TO CONGRESS DECEMBER 2, 1913,File No. 711.0012/238a.
[24] F.R.U.S,PAPERS RELATING TO THE FOREIGN RELATIONS OF THE UNITED STATES, 1928, VOLUME II,The Secretary of State(Frank B. Kellogg) to the French Ambassador (Claudel),Washington, December 28, 1927.( 711.5112 U.S./4).
[25] F.R.U.S, PAPERS RELATING TO THE FOREIGN RELATIONS OF THE UNITED STATES, 1928, VOLUME II
Treaty Series No. 785,Treaty Between the United States of America and France, Signed at Washington, February 6, 19287.
[26] F.R.U.S,PAPERS RELATING TO THE FOREIGN RELATIONS OF THE UNITED STATES, 1928, VOLUME II,Treaty Series No. 785,Treaty Between the United States of America and France, Signed at Washington, February 6, 19287.
[27] The Secretary of State(Frank B. Kellogg) to the Danish Minister (Brun),Washington, March 22, 1928.( 711.5912 A/3).
[28] F.R.U.S,The Secretary of State(Frank B. Kellogg) to the Estonian Consul General in New York in Charge of Legation ( Mutt )1,Washington , April 16, 1928.( 711.60i12A/1).
[29] The Secretary of State(Frank B. Kellogg) to the Greek Minister ( Simopoulos ),Washington , April 23, 1928.( 711.6812a/1).
[30] The Acting Secretary of State(Robert E. Olds) to the Belgian Ambassador (De Ligne),Washington, March 26, 1928.( 711.5512A/1).
[31] The Norwegian Minister (H. H. Bachke) to the Secretary of State,Washington, April 27, 1928.( 711.5712A/6).
[32] F.RS.U,Memorandum by the Under Secretary of State of a Conversation With the German Ambassador (Von Prittwitz , Washington ,] April 14, 1928 . ( 711.6212 A/8).
[33] F.RS.U,Memorandum by the Under Secretary of State of a Conversation With the German Ambassador (Von Prittwitz , Washington ,] April 14, 1928 . ( 711.6212 A/8).
[34] محمد عزيز شكري، القضاء والتحكيم الدوليان، المجلد: المجلد السادس: علم الفقه ــ المحكمة الأوربية لحقوق الإنسان رقم الصفحة ضمن المجلد : 365.
[35] The Secretary of State (Frank B. Kellogg)to the British Ambassador (Howard),Washington, December 29, 1927.( 711.4112A/3).
[36] The Secretary of State(Frank B. Kellogg) to the British Ambassador ( Howard ),Washington , March 20, 1928 .( 711.4112A/18).
[37] F.R.U.S, 1929, VOLUME III, The Norwegian Minister (H. H. Bachke) to the Secretary of State,White Sulphur Springs, West Virginia, July 2, 1928.( 711.5712A/9).
[38] The Secretary of State(Frank B. Kellogg) to the Finnish Minister ( Åström ),Washington , April 9, 192711.60 d 12A/18.().
[39] The Secretary of State(Frank B. Kellogg) to the Ambassador in Belgium ( Gibson ),Washington , September 11, 1928.( 711.50a12A/1: Telegram).
لا تعليق